قوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم به إن الله كان سميعا بصيرا 58}
  · المعنى: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ» قيل: إنه خطاب لليهود في بيان صفة النبي ÷، وقيل: خطاب لولاة الأمر عن زيد بن أسلم ومكحول وشهر بن حوشب، وقيل: كل مؤتمن على شيء عن ابن عباس والحسن وقتادة، وقيل: خطاب للنبي، ÷ برد المفتاح عن ابن جريج، وقيل: خطاب لجميع المكلفين بأداء ما أمرهم اللَّه به من العبادات فهو مؤتمن فيها عن ابن مسعود، وهو الصحيح؛ لأنه يدخل فيه الحقوق والديون والودائع، وجميع ما أمر اللَّه به، وعلى حسب اختلافهم في المخاطب اختلفوا في معنى الأمانة وأدائها، فقيل: بيان صفة النبي ÷، وقيل: ما يجب على ولاة الأمر من القيام بالعدل، وإعطاء كل ذي حق حقه من المواريث وقسمة الغنائم والصدقات وغيرها، وقيل: هو رد كل أمانة، وقيل: هو أداء كل ما أمر به من العبادات؛ لأن العبد أمين فيها «وِإذَا حَكَمْتُمْ بَينَ النَّاس» خطاب للأئمة والقضاة والأمراء وولاة الأمر، يعني ويأمركم أيها الولاة إذا حكمتم بين رعاياكم «أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ» والإنصاف في قضاياكم، وقيل: خطاب لهم في نفي الظلم وأداء حقوقهم «إِنَّ اللَّهَ نِعما يَعِظُكُمْ بهِ» أي نعم العظة لكم عظة اللَّه تعالى، فافهموا ذلك واعملوا به فنعم الواعظ هو، ونعم العظة كتابه «إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بصيرًا» يسمع ما يحكمون به، بصير بأداء الأمانة ممن أداها وخيانة من خانها، وقيل: سميع لأقوالكم عليم بأفعالكم، وأدخل (كان) تنبيهًا على أن هذه الصفة واجبة له لم يزل.
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب أداء الأمانات، وظاهر الكلام يوجب الحقوق المالية لقوله: «إِلَى أَهْلِهَا» والعبادات وإن صح كونها أمانة فيتعذر دخوله في الظاهر لقوله: «إِلَى أَهْلِهَا» والسبب المروي في مفتاح البيت يدل عليه عن القاضي.
  وتدل على أن الواجب على كل من يلي أمرًا أن يحكم بالعدل، ولا واسطة بين العدل والجور، فإذا لم يكن عدلٌ كان جُور.
  وتدل على أنه يعلم ما يحكم به وما يغلب على ظنه؛ لأنه لو لم يكن كذلك لم