قوله تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما 64}
  «إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ» أدغمت الذال في الظاء؛ لأنهما من مخرج واحد «لوجدوا» أدخلت اللام؛ لأنها جواب لقوله: «وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفسَهم».
  · المعنى: لما حكى عصيانهم للرسول، وردهم حكمه عقبه بالتوبيخ لهم، وأن غرضه من البعثة القبول عنه لا الرد، فقال تعالى: «وَمَا أَرْسَلنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ» يعني القصد والغرض من الإرسال أن يطاع الرسول، ويقبل منه، «بِإِذْنِ اللَّه» بأمره «وَلَوْ أَنَّهُمْ» يعني هَؤُلَاءِ المنافقين الَّذِينَ احتكموا إلى الطاغوت، وقيل: أراد المنافق المقتول عن الأصم، وقيل: الَّذِينَ جادلوا عن الكفار الكافر المعاند للرسول «إِذْ ظَلمُوا أَنفُسَهُمْ» باكتسابهم الذنب العظيم واحتكامهم إلى الطاغوت «جَاءوكَ» تائبين مؤمنين مخلصين «فَاستَغْفَرُوا اللَّهَ» طلبوا المغفرة بالتوبة «وَاستغْفَرَ لَهم الرَّسُولُ» أي سأل لهم المغفرة «لَوَجَدُوا اللَّه تَوَّابًا» قابلاً لتوبتهم «رَحِيمًا» بهم، وقيل: لو أنهم إذ ظلموا أنفسهم بالإعراض عنك جاءوك مقبلين عليك مؤمنين بك، واستشفعوا بك إلينا، لأقلنا عثرتهم، ولغفرنا زلتهم، وقيل: لوجدوا اللَّه: لعلموا أن اللَّه يقبل توبتهم ويغفر ذنبهم؛ لأن الواجد قد يكون بمعنى العلم، وقد يكون بمعنى الإدراك عن أبي علي.
  · النزول: قيل: نزلت في الَّذِينَ احتكموا إلى الطاغوت.
  وقيل: إن قومًا من المنافقين ائتمروا على أمر مكيدة لرسول اللَّه ÷، فأتاه جبريل وأخبره، فقال: إن قومًا دخلوا يريدون أمرًا لا ينالونه فليقوموا فليستغفروا اللَّه حتى أستغفرَ لهم، فقال: ألا تقومون؟ فلم يفعلوا، فقال ÷: «يا فلان قم، يا فلان قم»، حتى عد اثني عشر رجلاً، فقالوا: كنا عزمنا على ما قلت، ونحن نتوب إلى اللَّه من ظلمنا، فاستغفرْ لنا، فقال: «الآن [عني] اخرجوا أنا كنت في [بادئ] الأمر أقرب إلى الاستغفار، وكان اللَّه أقرب إلى الإجابة اخرجوا عني»، حكاه الأصم.