التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما 64}

صفحة 1614 - الجزء 2

  ويدل قوله: «يَعْلَمُ اللَّه مَا فِي قُلُوبِهِمْ» أن أفعال القلوب كأفعال الجوارح في أنه يؤاخذ بها.

  وتدل على أن النفاق أن يكون ظاهره في الإيمان والكفر خلاف باطنه.

  وتدل على أن الواجب الإعراض عن الكفار إذلالاً لهم، وإذا حمل على هذا فلا نسخ فيه.

  وتدل أنه مع الإذلال تجب عظته؛ لكي يعود إلى الحق.

  وتدل على أنه كما يبلغ الشرائع يبين العقليات تأكيدًا؛ لأن المراد بالعظة التنبيه على ذلك.

قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا ٦٤}

  · اللغة: الاستغفار: طلب المغفرة، والمغفرة أصله الستر، كأنه بالعفو يستر الذنب، ومنه المِغْفَر؛ لأنه يستر الرأس.

  والإذن أصله من الإعلام، ومنه الأذان، ومنه: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} ومنه: {فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلَى سَوَاءٍ} {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ} ثم يستعمل على وجوه منها: بمعنى اللطف كقوله: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} ومنها: بمعنى الأمر وهو المراد بالآية، ومنها: التخلية كقولهم: {وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} ومنها: بمعنى العلم.

  · الإعراب: موضع (أن) من قوله: «ولو أنهم» رفع على معنى لو وقع مجيئهم في وقت ظلمهم مع استغفارهم لوجدوا اللَّه توابًا رحيمًا.