التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما 65}

صفحة 1617 - الجزء 2

  ومنه الحكمة؛ لأنها تمنع الجهل، والحاكم؛ لأنه يفصل بين الحق والباطل ويمنع الظلم، وحكَّمه في كذا جعل أمره إليه، وفي الحديث: «إن الجنة للمحكمين» يعني الَّذِينَ حكموا وخيروا بين القتل والإسلام أو الكفر، فاختاروا القتل مع الإسلام.

  والمشاجرة: المنازعة، وشجر بينهم إذا اختلف الأمر بينهم، وهو من الأشجار، واشتجروا تنازعوا يقال: شَجَرَ يَشْجُرُ شَجْرًا نحو نصر ينصر نصرًا، وشجورا أيضًا مصدر شجر، وكذلك مشاجرة وشجارًا، وأصله من الشجر، وسمي المنازعة بذلك؛ لتداخل بعض كلامهم في بعض كتداخل الشجر بالتفافه.

  والحرج: الإثم، والحرج: الضيق، وقيل: في قوله: «حدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج» لا ضيق، وقيل: لا إثم.

  وتسليمًا مصدر مؤكد لما قبله.

  · الإعراب: (لا) دخلت في أول الكلام قيل: لأنها رد لكلام، كأنه قيل: ليس الأمر كما يزعمون أنهم يؤمنون وهم على ما هم عليه من الخلاف، ولا يرضون بحكمك، ويصدون عنك، ثم استأنف القسم فقال: «وربك» وقيل: لأنها توطئة للنفي الذي يأتي فيما بعد؛ لأن ذِكْرَهُ أول الكلام وآخره أوكد، وقيل: (لا) صلة كقوله: «لا أقسم».

  «يجدوا» نصب عطفًا على ما بعد (حتى)، كأنه قيل: وحتى لا يجدوا، ولو لم يكن نصبا لقيل: يجدون، و «يسلموا» أيضًا نصب عطفًا على قوله: «لا يجدوا» «وربك» جُرَّ؛ لأنه قسم كقولك: واللَّه.