قوله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما 65}
  · النزول: قيل: نزلت في اليهود ي والمنافق اللذين احتكما إلى الطاغوت عن مجاهد والشعبي وأبي علي.
  وقيل: بل نزلت في الزبير ورجل من الأنصار، وقيل: حاطب بن أبي بلتعة قضى رسول اللَّه ÷ للزبير عليه فقال الرجل: قضى لابن عمته ولوى شدقه، فنزلت الآية عن الزبير وأم سلمة. والوجه الأول؛ لأن إجراء الكلام على الاتصال أحسن من الانقطاع.
  · المعنى: لما تقدم أنه تعالى إنما يبعث الرسول ليطاع بين أن الإيمان به هو التزام حكمه، والرضا بما أتى به، فقال تعالى: «فَلاَ» أي ليس كما يزعمون أنهم يؤمنون مع خلافهم لك، ومحاكمتهم إلى الطاغوت «وَرَبِّكَ» أي وخالقك ورازقك يا محمد، وهو قسم «لاَ يُؤْمِنُونَ» أي لا يكونون مؤمنين بنبوتك «حَتَّى يُحَكِّمُوكَ» يجعلوك حكمًا أي يقرون بأن الحكم إليك «فِيمَا شَجَرَ بَينَهُم» فيما اختلط بينهم من أمورهم واختلفوا فيه من المنازعات، وقيل: فيما التبس عليهم حكمه في الدين عن ابن عباس «ثُمَّ لاَ يجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيتَ» يعني إذا حكمت بينهم لا يجدون في قلوبهم لذلك حرج، قيل: شك عن مجاهد، يعني شكًّا في أن ما قلت حق، وقيل: إثم عن الضحاك، يعني لا يأثمون بالكتاب ذلك، وقيل: ضيق عن أبي علي، وهو الأوجه، مما قضيت أو حكمت «وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا» أي ينقادوا لحكمك إذعانًا بالطاعة لك وخضوعًا لأمرك.
  · الأحكام: تدل الآية على أن من لم يؤمن بالرسول، ولم يرض بحكمه لا يكون مؤمنًا وإن آمن بِاللَّهِ.
  وتدل على أن الرضا بحكمه من الإيمان خلاف قول المرجئة.