قوله تعالى: {وقلنا ياآدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين 35}
  · المعنى: ثم ذكر تعالى ما أمر به آدم بعد سجود الملائكة، وإباء إبليس، فقال ø: «وَقُلنَا» هذا نون الكبرياء والعظمة لا نون الجمع، (يَا آدَمُ اسْكن) قيل: استقر واجعلها مأوى لك، واختلفوا في هذا الأمر، فقيل: إنه أمر تعبد، وقيل: هو إباحة لأنه ليس فيه مشقة، ولا يتعلق به التكليف، وقوله: «وَكُلاَ» إباحة، «وَلاَ تَقْرَبَا» - تَعَبُّد بالإيقاف -
  أنت وزوجك، وقيل: لما أخرج إبليس من الجنة ولُعِنَ بقي آدم في الجنة وحشًا ليس معه من يسكن إليه، فنام واستيقظ، فإذا عند رأسه امرأة خلقها اللَّه من ضلعه، فسألها من أنت؟ قالت: امرأة، قال: ولم خلقت؟ قالت: لتسكن إليَّ، فقالت الملائكة: ما اسمها يا آدم؟ قال: حواء، قالوا: ولم سميت حواء؟ قال: لأنها خلقت من شيء حي فعندها قال اللَّه تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} وقيل: إنها خلقت قبل أن يسكن آدم الجنة، عن ابن إسحاق، وقال ابنُ عباس: ظاهره يقتضي أنه كان في السماء الجنة قيل: هي جنة الخلد، عن جماعة من المفسرين، وهو قول الحسن وواصل وعمرو وأبي علي، وقيل: جنة من جنان السماء غير جنة الخلد؛ لأن جنة الخلد أكلها دائم ولا تكليف فيها، عن أبي هاشم، وقيل: جنة من جنان الدنيا في الأرض، وقوله: {اهبطوا} لا يقتضي أن يكون في السماء كقوله: {اهبطوا مصر} عن أبي مسلم، وليس بالوجه لظهور الأمر أنه كان في السماء، ولقوله: (اهبطوا)، وما ذكر مجاز فلا يقاس عليه غيره، واختلفوا: هل يجوز ابتداء الخلق في الجنة؟ فقيل: يجوز لأنه نعمة، والتكليف نعمة، فله أن يفعل أيهما شاء، عن أبي علي، وقيل: لا يجوز، عن أبي القاسم البلخي، «وَكُلا» خطاب لآدم وحواء «مِنْهَا» من الجنة «رَغَدًا» - عيشًا واسعًا، «حَيثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ» يعني لا تقرباها بالأكل؛ لأن المخالفة حصلت بالأكل قال تعالى: {فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا} واختلفوا في هذا النهي؛ فالأكثر على أنه نهي تحريم، وقال بعضهم: هو نهي تنزيه.
  هذه الشجرة قيل: السنبلة، عن ابن عباس، وقيل: الكرمة، عن ابن مسعود، ولعله أقرب لوقوع اسم الشجرة عليه عند الإطلاق، وقيل: التينة برواية ابن جريج عن بعض الصحابة،