التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا 69 ذلك الفضل من الله وكفى بالله عليما 70}

صفحة 1624 - الجزء 2

  الحال، وفي توحيد (رفيقا) قولان: أحدهما: لأنه في موضع التمييز، الثاني: على تقدير حسن كل واحد منهم رفيقًا، كقوله: {يُخرِجُكُم طِفلًا} قال الشاعر:

  نَصَبْنَ الْهوَيَ ثم ارْتَمَيْنَ قُلوبَنا ... بِأَعْيُنِ أعداءٍ وهُنَّ صَدِيقُ

  ودخل الباء في «كفى بِاللَّهِ» قيل: زائدة تأكيدًا، وتقديره كفى اللَّه، وقيل: معناه اكتفى العباد بِاللَّهِ.

  · النزول: روى قاضي القضاة عماد الدين رحمة اللَّه عليه بإسناده عن الأسود عن عائشة أن رجلاً جاء إلى رسول اللَّه، ÷، وقال: يا رسول اللَّه إنك لأحب إليَّ من نفسي وأهلي وولدي، وإني أكون في البيت فأذكرك فما لي صبر حتى آتيك فأنظر إليك، وإذا ذكرت الموت عرفت أنك في الجنة ترفع مع النبيين وإني إذا دخلت الجنة لا أراك، فلم يرد النبي ÷ شيئًا حتى نزل جبريل بهذه الآية.

  وقيل: نزلت في ثوبان مولى رسول اللَّه ÷ وكان يحب رسول اللَّه ÷ حبًا شديدًا، فأتاه يومًا، وقد تغير لونه ونحل جسمه، فقال ÷: «مالك يا ثوبان»؟ فقال: ما بي مرض ولا وجع غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك، وقد ذكرت الآخرة وأخاف ألا أراك؛ لأنك ترفع مع النبيين، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، فقال ÷: «والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وأبويه وأهله وولده والناس أجمعين».

  وقيل: إن أصحاب النبي ÷ قالوا: يا رسول اللَّه ما ينبغي لنا أن نفارقك، فإنا لا نراك إلا في الدنيا فأما في الآخرة فإنك ترفع فوقنا لفضلك، فنزلت الآية عن قتادة ومسروق.