التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا 78}

صفحة 1641 - الجزء 2

  عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا» فأُقتل، فرد اللَّه عليهم، وقال: «أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ» ولا ينفعكم الحذر والهرب، وقيل: بل يتصل بقوله: «فقاتل» ومن يقتل أو يغلب وحث على القتال عقيب ذلك بقوله: «أَيْنَمَا تَكُونُوا» لئلا تجبنوا وتعلموا أن الموت يدرككم لا محالة، وإذا كان لا بد منه، فالقتل في سبيل اللَّه خير على كل حال، وروي عن الحسين # ما يوافق هذا المعنى، فقال:

  وإن تَكُنِ الأبدانُ لِلموتَ أُنشئتْ ... قَتْلُ امرئٍ في اللَّه بالسيفِ أَجملُ

  وقيل: يتصل بقوله: «قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ»؛ لأن الموت نازل بكم لا محالة فيكون قليلاً.

  · المعنى: «أَيْنَمَا تَكُونُوا» يعني قل لهم يا محمد أينما تكونوا «يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ»، قيل: من مشارق الأرض ومغاربها، وقيل: في السماء والأَرض «يُدْرِكُّمُ» يعني ينزل بكم «وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ» قيل: قصور عن مجاهد وقتادة وابن جريج، وقيل: قصور في السماء بأعيانها عن السدي والربيع، وقيل: هي البيوت التي تكون في الحصون عن أبي علي، وقيل: بروج السماء، وقيل: الحصون والقلاع عن ابن عباس «مُشَيَّدَةٍ» قيل: محصنة عن قتادة، وقيل: مجصصة عن عكرمة وأبي علي، وهي المزينة المبنية بالشيد، وهو الجص، وقيل: مزينة عن أبي عبيدة، وقيل: مطولة عن الزجاج و [القتبي] «وَإِنْ تُصِبْهُمْ» أي تنالهم قيل: هم المنافقون يصيبهم ذلك عن الحسن وأبي علي وأبي القاسم، وقيل: هم اليهود عن الزجاج «حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ» قيل: الحسنة والسيئة والسراء والضراء، والبؤس والرخاء، والنعمة والمصيبة، والخصب والجدب عن ابن عباس وقتادة وأبي العالية، وقيل: النصر والهزيمة عن الحسن وابن زيد، وجوز الوجهين الأصم وأبو مسلم «وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ»