التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا 82}

صفحة 1649 - الجزء 2

قوله تعالى: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ٨٢}

  · اللغة: التدبر والتفكر من النظائر، وقال علي بن عيسى: التدبر: تصرف القلب بالنظر في عواقب الأمور، والتفكر: تصرف القلب بالنظر في الدلائل، والتدبر أصله من الدبور؛ لأنه النظر في عواقب الأمور، والدبر خلاف القبل، والتدابر: التقاطع؛ لأن كل واحد يولي الآخر دبره لعداوته له، ودبر القوم دبارًا هلكوا، وأدبر القوم إذا ولى أمرهم عن الرشد، والتدبير إصلاح الأمر بعاقبته.

  والقرآن قيل: أصله الجمع من قولهم للحوض مِقرَاة، وقيل: من قولهم: قرأت قرآنا، وهو في الشرع والعرف اسم لكلام اللَّه تعالى المنزل على محمد ÷ باللغة العربية، وهو مائة وأربع عشرة سورة، مكتوب بين الدفتين أنزله جبريل صلى اللَّه عليه. والخلاف بين الشيئين ألّا يسد أحدهما مسد الآخر، وكل شيئين لا يخلو من ثلاثة أوجه: إما أن يكونا مثلين، أو مختلفين، أو ضدين، فالمثلان ما يسد أحدهما مسد الآخر فيما يرجع إلى ذاته، كالجوهرين والسوادين والبياضين، والمختلفان ما لا يسد مسده كالحلاوة والسواد، والضد ما يمتنع وجود أحدهما لأجل وجود الآخر تحقيقًا أو تقديرًا، كالسواد والبياض، واللَّه تعالى ليس له مثل ولا ضد، وهو مخالف للأشياء كلها.

  · الإعراب: «أفلا» استفهام والمراد التقدير فمعناه تفكروا وتدبروا.

  «اختلافا» نصب؛ لأنه مفعول «وجدوا» «كثيرًا» نعْتٌ له.