قوله تعالى: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا 83}
  الخبر «الَّذِينَ يَسْتَتْبِطُونَهُ مِنهُمْ» قيل: يتحسسونه عن ابن عباس وأبي العالية، وقيل:
  يستخرجونه عن الزجاج وأبي عبيدة و [القتبي]، وقيل: يتبعونه عن الضحاك، وقيل:
  يسألون عنه عن عكرمة، فاستنباطهم: سؤالهم الرسول عنه «مِنْهُمْ» قيل: الفرقة المنافقة، وقيل: الضعفة «وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيكمْ وَرَحْمَتُهُ» قيل: النبي والقرآن، وقيل: ألطافه وهدايته، وقيل: فضله: الإسلام، ورحمته: القرآن عن ابن عباس، وقيل: فضله ورحمته نصرته في الوقت بعد الوقت عن أبي مسلم، وهذا خطاب للمؤمنين، فكأنه لما حكى من أحوال المنافقين ما حكى قال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا» لأنه جري ذكرهم عند قوله: «خُذُوا حِذْرَكم» وغيره من المواضع «وَلَولاَ فَضْلُ اللَّه عَلَيكمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيطَانَ» كما فعل هَؤُلَاءِ المنافقون فبفضله ولطفه أنجاكم مما فيه هَؤُلَاءِ «لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيطَانَ إِلَّا قَلِيلًا» قيل: الاستثناء مما يليه أي لاتبعتم الشيطان إلا قليلاً منكم، فإنهم لمِ يكونوا تبعا، عن الضحاك وأبي علي والقاضي، وقيل: لاتبعتم الشيطان إلا قليلاَ من الاتباع، وقيل: لعلمه الَّذِينَ يستنبطونه منهم إلا قليلاً لم يعلموه عن الحسن وقتادة، وقيل: لعلمه إلا قليلاً من العلم لم يدركه، وقيل: أذاعوا به إلا قليلاً لم يذع، عن ابن عباس وابن زيد والأصم والكسائي والفراء، وقيل: أذاعوا إلا قليلاً من الإذاعة، فقيل: يستنبطونه منهم إلا قليلاً، قال أبو العباس: لأن العلم بالاستنباط في الناس أقل، وليس كذلك الإذاعة، واختلف المفسرون في المستثنى وهو القليل مَن هم فقيل: المؤمنون، وقيل: الطائفة الَّذِينَ قالوا على ما حكى اللَّه عنهم: «وَيقُولُونَ طَاعَةٌ» وقيل: هم قوم لم يهموا بما هَمَّ به الآخرون.
  · الأحكام: تدل الآية على وجوب كتمان ما يضر إظهاره بالمسلمين وقبح إذاعته.
  وتدل على أن الخبر إذا لم يعلم صحته يجب أن يُتفحص عنه، وإيراده على أهله ليعلم، وكذلك إذاعته يجب أن تورد عليه ليتبين ما يجوز أن يدفع وما لا يجوز.