قوله تعالى: {وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا 83}
  فقلت: يا نبي اللَّه إنهم قد أذاعوا أنك طلقتهن، أفأخبرهم أنك لم تطلقهن؟ قال: «لو شئت فعلت»، فقمت على باب المسجد، فقلت: ألا إن رسول اللَّه ÷ لم يطلق نساءه، فأنزل اللَّه تعالى في شأنهم وشأني: «وَإذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ» قال عمر: وأنا الذي استنبطت منه قوله، وروي أن النبي ÷ كان يبعث السرايا فإذا غلبوا أو غلبوا بادر المنافقون بالاستخبار عن حال السرايا فيفشونه، ويتحدثون به قبل أن يتحدث به رسول اللَّه، ÷، فأنزل اللَّه تعالى فيهم هذه الآية.
  وروى جويبر عن ابن عباس أنها في المنافقين كانوا إذا أمروا بالقتال لم يطيعوا، وإذا نهاهم عن محاربة لم ينتهوا، وإن أفضى الرسول إليهم سرًا أذاعوه، فأنزل اللَّه تعالى فيهم هذه الآية.
  · المعنى: عاد الكلام إلى ذكر المنافقين وقد تقدم ذكرهم وبيان حالهم، فقال سبحانه: «وَإذَا جَاءَهُمْ» أتاهم يعني الطائفة المنافقة، وقيل: الضعفة «أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ» قيل:
  من الغنيمة والفتح، أو الهزيمة والقتل، وقيل: إذا جاءهم أراجيف بقصد عدو أتاهم، أو ظفر المؤمنين عليهم، فقيل: هو ما يخبر النبي ÷ ووعده ووعيده، وما ينزل عليه من الوحي يبلغون الأعداء ليتحرزوا «أَذَاعُوا بِهِ» أي أعلنوه وأظهروه، يعني هَؤُلَاءِ المنافقين أو الضعفة من غير علم منهم بالضرر «وَلَوْ رَدُّوهُ» يعني لو ردوا ذلك الأمر إلى الرسول، وقيل: لو وكلوا الأمر إليه، وقيل: لو أظهروا له الخبر واتكلوا على رأيه «إِلَى الرَّسُولِ» يعني محمدا ÷ «وَإِلَى أوْلِي الأَمْرِ مِنهم» قيل: الولاة عن السدي وابن زيد وابن جريج وأبي علي، وقيل: أمراء السرايا، وقيل: أهل العلم والفقه عن الحسن وقتادة وابن جريج والزجاج وهو اختيار القاضي، وأنكر أبو علي هذا الوجه، وقال: أولو الأمر مَن له أمر على الناس، وقيل: ذوو الرأي من الصحابة كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ($) «لَعَلِمَهُ» يعني لعلم حقيقة ذلك