قوله تعالى: {فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا والله أشد بأسا وأشد تنكيلا 84}
  على جهاد الأعداء «عَسَى اللَّه» قيل: (عسى) من اللَّه: واجب عن الحسن وأبي القاسم والزجاج، وقيل: حرضهم متعرضين راجين أن يكف اللَّه أمرهم «أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا» أي يكفي صولة الكفار وقتالهم، وقيل: هو الشدة والكره عن أبي مسلم «وَاللَّه أَشَدُّ بَأْسًا» يعني نكاية في الأعداء منكم، «وَأَشَدُّ تَنكِيلاً» قيل: عقوبة عن الحسن وقتادة، وقيل: التنكيل: الشهرة بالأمور الفاضحة عن القاضي عن أبي علي، وقيل: هو ما ينالهم عن أيدي المسلمين من الإذلال والسبي والقتل، وتخريب الديار، وقيل: أشد انتقامًا وإهلاكًا عن الأصم.
  · الأحكام: تدل الآية على أنه ÷ مكلف بالجهاد ولو كان وحده، وأنه في حقه من فروض الأعيان.
  وتدل على أنه على ثقة من النصرة لقوله: «عَسَى اللَّه أَنْ يَكفَّ» ولا خلاف أن الجهاد في غير حق الرسول من فروض الكفاية، فما لم يغلب على ظنه أنه يؤثر لا يجب بخلاف الرسول، فإنه على ثقة من النصر والظفر فلزمه الجهاد وإن كان وحدَهُ، ذكره القاضي، وذكر الأصم أن أبا بكر ¥ قال لأصحابه في أمر الردة: لو خالفتني يميني لجاهدتها بشمالي. وهذا يدل على قوة بصيرته، والواحد إذا جاهد لإعزاز الدين حتى قُتل كان له الثواب العظيم.
  وتدل على أن أحدًا لا يؤخذ بذنب غيره.
  وتدل على أن الجهاد فرض على المؤمنين، ولذلك قال: «وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ» وقد سأل بعض الملحدة بأن عندكم (عسى) من اللَّه واجب فقد وعد رد بأس الكفار، ونحن [لا] نرى الكفار في بأس وشدة؟
  والجواب عنه من وجوه:
  أولها وأصحها: أنه أراد قاتل أنت فما تقاتل أحدًا إلا نصرك اللَّه، ورد بأس الكفار، فيجري الكلام على ظاهره.