قوله تعالى: {فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا 88}
  · المعنى: عاد الكلام إلى حديث المنافقين، وقد تقدم ذكرهم فقال تعالى: «فَمَا لَكمْ» قيل: معناه ليس لكم أن تفترقوا في أمرهم، وقيل: لا تكونوا مختلفين في أمرهم «فِي الْمُنَافِقِينَ» في أمرهم وحكمهم، وسماهم منافقين وإن أظهروا الكفر؛ لأنهم نسبوا إلى ما كانوا عليه من قبل عن الحسن «فِئَتَينِ» أي فرقتين مختلفتين، قيل: لأن فرقة منهم كانت تميل إليهم، وتذب عنهم وتواليهم، وفرقة تباينهم وتعاديهم فنهوا عن ذلك، وأمروا بأن يكونوا على أمر واحد في تباينهم والتبري منهم، وقيل: فرقة حكمت بإيمانهم بحكم الظاهر، وفرقة تكفرهم، وقيل: مُحِلّ منكم ومُحَرِّمٌ «وَاللَّه أَرْكَسَهُم بِمَا كَسَبُوا» قيل: أهلكهم بكفرهم عن قتادة، وقيل: نكسهم عن أبي علي والزجاج، قال أبو علي: أي جعلهم أذلاء أخساء بكفرهم، والمعنى يردهم في حكم الكفر من الصغار والذل، وقيل: خذلهم فأقاموا على كفرهم وترددوا فيه، فأخبر عن خذلانه إياهم بأنه أركسهم عن أبي مسلم، وقيل: ردهم إلى حكم الكفار بما أظهروا من الكفر فيه، وأجرى عليهم أحكام الكفار من السبي والقتل؛ لأنهم أظهروا الارتداد بعدما كانوا على النفاق «أَتُريدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ» قيل: أتريدون أن تحكموا بهداية من حكم اللَّه بضلالته، وقيل: وجده اللَّه ضالا، وقيل: أتريدون أن تهدوا إلى طريق الجنة والثواب بتسميتكم إياه مهتديا مَن حَرَمَه اللَّه ذلك عقوبة، وقيل: أتريدون أن تدخلوا الجنة من حكم اللَّه له بالنار والعقاب عن أبي علي وأبي مسلم «وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّه» يحكم بضلاله «فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً» أي لا ينفع حكم أحد بهدايته كقولهم: من يفسقه الحاكم لا ينفعه تعديل المزكي، وقيل: من يهلكه اللَّه فلن تجد أحدا ينجيه من الهلاك، قيل: من يضله عن الثواب والجنة لا تجد طريقًا إليه، وقيل: سبيلا طريقا ينجيه، وقيل: مخرجًا وحجة.
  · الأحكام: تدل الآية على النهي عن الاختلاف في أمر المنافقين.