قوله تعالى: {ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فإن تولوا فخذوهم واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم وليا ولا نصيرا 89}
  إذا لم يكن جوابًا، وكانت الفاء عاطفة على فعل مرفوع، فإنما تعطف بالرفع، وتقديره ههنا، «وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ» وودوا لو تكونون سواء، ونظيره: {وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ ٩} و {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ} أي ودوا أن يميلوا.
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى من أحوال المنافقين وعداوتهم للمؤمنين ما يوجب البراءة منهم، وترك الاغترار بقولهم، فقال تعالى: «وَدُّوا» يعني هَؤُلَاءِ المنافقين الَّذِينَ اختلفتم في أمرهم تمنوا «لَوْ تَكْفُرُونَ» أنتم بِاللَّهِ ورسوله «كمَا كَفَرُوا» هم حتى تكونوا مثلهم، وقيل: تمنوا لأجل عداوتهم إياكم أن تكفروا، فتصيروا إلى النار كما كفروا وصاروا إلى النار لتكونوا مثلهم في الكفر «فَلاَ تَتَّخِذُوا» أيها المؤمنون «منهم» يعني من المنافقين «أَوْلِيَاءَ» قيل: معينًا وناصرًا، فلا تستعينوا بهم في الأمور، وقيل: خليلاً ومواليًا «حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» فيه ثلاثة أقوال:
  الأول: المراد به الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، ثم اختلفوا فقيل: إنها نسخت بقوله: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ١١} وقيل: هذا بعد انقضاء الهجرة.
  الثاني: حتى يهاجروا: يخالفوا الكافرين والمنافقين في الدخول في الإسلام والإخلاص في نصرة النبي ÷ عن أبي مسلم، وقال عكرمة: الهجرة ثلاثة، [الأول]: هجرة المؤمنين في أول الإسلام، والثاني: هجرة المنافقين، وهو الخروج مع النبي ÷ إلى الجهاد، والثالث: هجرة سائر المؤمنين، وهو الهجرة مما نهى اللَّه عنه. وقيل: حتى يهاجروا ما هم فيه من النفاق ويسلكون سبيل اللَّه، وهو الإسلام «فَإِنْ تَوَلَّوْا» أعرضوا، قيل: عن الهجرة في سبيل اللَّه، عن ابن عباس، وقيل: عن الدين؛ لأن سبيل اللَّه هو الطريق الذي أمر بسلوكه، وهو العمل بطاعته، وقيل: عن