التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كل ما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا 91}

صفحة 1685 - الجزء 3

  وقيل: نزلت في أسد وغطفان، وكانوا حاضري المدينة، وكانوا ينافقون، إذا لقوا المسلمين قالوا: آمنا، وإذا لقوا المشركين رجعوا إلى الكفر، عن ابن عباس رواه عنه أبو صالح، وقيل: هم بنو عبد الدار، وكانوا بهذه الصفة عن جويبر عن الضحاك عن ابن عباس.

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى طائفة أخرى، وأمر بقتالهم وبين صفتهم، فقال سبحانه: «سَتَجِدُونَ» أيها المؤمنون «آخَرِينَ» أي قومًا آخرين، قيل: هم من المنافقين، وقيل: من الكفار، وقال أبو مسلم: هم المتأخرون بلا عذر عن النبي ÷ وعن نصرته «يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ» وقيل: يظهرون الإسلام ليأمنوا المسلمين من القتل، وهم مع قومهم كفار ليأمنوهم أيضًا فغرضهم إرضاء الفريقين ليأمنوا الجانبين «كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ» يعني كل وقت ردوا إلى الفتنة، قيل: الفتنة: الشرك، تقديره: كلما دعوا إلى الشرك رجعوا إليه وعادوا فيه مصرين عليه، وقيل: كلما ردوا إلى الامتحان والاختبار أظهروا الكفر ورجعوا إليه، ومعنى «أُرْكِسُوا فِيهَا»، قيل: يرتكسون إلى الكفر، ويرجعون إليه «فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُم» يعني فإن لم يعتزلوا قتالكم، ولم يطلبوا الصلح منكم، ولم يكفوا أيديهم عن قتالكم «فَخُذُوهُمْ» أينما ظفرتم بهم أَسْرًا «وَاقْتُلُوهُمْ» أين وجدتموهم في الحل والحرم، وقيل: في أي موضع من الأرض «حَيثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ» حيث أدركتموهم ووجدتموهم، وأولئكم جعل اللَّه أيها المؤمنون عليهم «سُلْطَانًا» قيل: حجة، عن عكرمة والسدي، وقيل: نصرة وغلبة عند لقائهم «مُبِينًا» قيل: مظهرا للحق في تسلطكم عليهم، وقيل: حجة ظاهرة في قتلهم وسبيهم، وما يفعل بهم.