التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما 95 درجات منه ومغفرة ورحمة وكان الله غفورا رحيما 96}

صفحة 1705 - الجزء 3

  والدرجة: المنزلة، وأدرجت الكتاب طويته منزلة بعد منزلة، ودرجْتُهُ إلى كذا:

  رقيته إليه منزلة بعد منزلة، ودرج الرجل: مضى لسبيله؛ لأنه يقال: صار إلى منزلة في الآخرة، ومنه دب ودرج، أي الأحياء والأموات، ومدارج الأكمة: الطرق المعترضة فيها.

  · الإعراب: (غير) يكون صفة، ويكون استثناء، ففي الاستثناء يوجبه إخراج بعض من كل، نحو: جاءني القوم غَيْرَ زيدٍ، وليست في الصفة كذلك، نحو: جاءني رجل غيرُ زيدٍ.

  وفي نصب «درجات» ثلاثة أقوال:

  الأول: البدل من قوله: «أَجْرًا عَظِيمًا».

  الثاني: التأكيد؛ لأن فَضَّلَهُم أجرًا عظيمًا يدل على الدرجات، ذكر الوجهين الزجاج.

  الثالث: لأنه ترجمة تقوم مقام الصفة؛ إذ كان في ذكر درجات بيان عن الأجر، أي: (أي أجر هو؟)، ويجوز في العربية الرفع على تقدير: تلك درجات، كقوله: {إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ} أي ذاك بلاغ.

  «درجات» نصب على الحال، وكذلك «مغفرة».

  · النزول: قيل: لما نزلت الآيات في فضل الجهاد جاء ابن أم مكتوم، وعبد اللَّه بن جحش إلى النبي ÷، وقالا: قد أنزل في الجهاد ما علمت، ونحن لا نستطيع الجهاد، فهل لنا من رخصة؟ فأنزل اللَّه تعالى: «غَيرُ أُوْلِي الضَّرَرِ»، عن ابن عباس.

  وقيل: نزلت «لاَ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ»، «والمجاهدون» فقال ابن أم مكتوم: اللَّهم أنزل عذري، فنزلت: «غَيرُ أُوْلِي الضَّرَرِ»، فوضعت عنهما، فكان بعد