التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا 117 لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا 118 ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا 119 يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا 120 أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا 121}

صفحة 1752 - الجزء 3

  ناصرًا لهم ممن أرادهم بسوء، وقيل: يعدهم الفقر إن أنفقوا أموالهم في أبواب البر، وقيل: يعدهم أن ينالوا الدنيا والآخرة بالمعصية، عن الأصم، وقيل: يعدهم أن لا بعث ولا جزاء، وقيل: يعدهم النصرة على المؤمنين، ويعدهم العلو في الدنيا، ويمنيهم الأباطيل والأكاذيب، «وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيطَانُ إِلَّا غُرُورًا» يعني ما يعدهم إلا باطلاً، وقيل: وعدهم النصر ثم لم ينصرهم، وقيل: ظنوه وليًّا يربحون بالقبول عنه، فخسروا فكان غرورًا، وقيل: مناهم أن لا ثواب ولا عقاب، فوقعوا في العذاب، وقيل: وعدهم الظفر لهم، فكان - للمسلمين عليهم «أُوْلَئِكَ» يعني المشركين «مَأْوَاهُم» يعني مصيرهم ومرجعهم «جَهَنَّمُ وَلاَ يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا» قيل معدلا، وقيل: مفرًّا وخلاصًا.

  ومتى قيل: لماذا كرر وعيد الكفار؟

  فجوابنا لثلاثة أوجه: للتأكيد، وليكون الزجر مقرونًا بصفتهم، وليكون الوعيد على تفصيل خصال الكفر.

  · الأحكام: تدل الآية على أن عبادة غير اللَّه شرك، فيدل أن الكفر قد يكون في غير أفعال القلب.

  وتدل على أن الشيطان يضل.

  وتدل على أن الدعاء إلى الضلال يسمى إضلالاً.

  وتدل على بطلان مذهب الْمُجْبِرَة من حيث أضاف الضلال والعدة والاتخاذ وغيرهما إليهم، ولو كان الدعاء خلقًا له والضلال فيهم كذلك لم يكن لهذا الكلام معنى.

  وتدل على أن من اتخذ وليًّا يدعوه إلى معصية اللَّه فإنه خسر خسرانًا مبينًا، حيث يوقعه في العذاب الدائم الأليم.