قوله تعالى: {إن يدعون من دونه إلا إناثا وإن يدعون إلا شيطانا مريدا 117 لعنه الله وقال لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا 118 ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان وليا من دون الله فقد خسر خسرانا مبينا 119 يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا 120 أولئك مأواهم جهنم ولا يجدون عنها محيصا 121}
  ويقال: كيف علم إبليس أن له أتباعًا يطيعونه؟
  فجوابنا قيل: من قوله: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ} وقيل: لما نال من آدم ما نال طمع في ولده، فقال ذلك، قلنا: وقد قال تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} عن الأصم وقيل: عاين الجنة والنار فعلم أن لكل واحد أهلاً {وَلَأُضِلَّنَّهُم} يعني النصيب المفروض أضلهم عن الحق والإسلام، وإضلاله بالدعاء، فأما نفس الضلال فهو فعلهم، ولكن لما كان ذلك منهم عند دعوته جاز أن يضيفه إليه، كما يقال: هداه إليه، {وَلَأُمَنِّيَنَّهُم} أي لأرغبنهم بما أجعل في أنفسهم من الأماني عن طاعتك وعبادتك إلى عبادة غيرك، وتحريم ما أحللته، وتحليل ما حرمته، وقيل: أمنينهم ركوب الأهواء الداعية إلى العصيان، وقيل: أمنينهم طول البقاء، ونعيم الدنيا، وليؤثروا ذلك على الآخرة، وقيل: أمنيهم الثواب على مخالفتك، وقيل: أمنينهم لألقين في قلوبهم الهموم، وقيل: لأمنينهم أنه لا جنة ولا نار، ويجب حمله على الجميع؛ لأنه يوسوس بجميع ذلك {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ} أي ليقطعن آذانها، وقيل: هي البحيرة والسائبة والوصيلة، عن السدي وقتادة وعكرمة والأصم، وقيل: يقطعون آذانها نسكا لما يعبدون من الأوثان، {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ} قيل: دين اللَّه، عن ابن عباس وإبراهيم ومجاهد والحسن وقتادة والسدي والضحاك وابن زيد، وقيل: هو في التحليل والتحريم، عن أبي مسلم، وقيل: بالخصي، عن ابن عباس بخلاف وأنس وشهر بن حوشب وعكرمة وأَبي صالح، وقيل بالوشم عن عبد اللَّه والحسن، وقيل: إنه تعالى خلق الأنعام ليركبوها ويأكلوها، فحرموها على أنفسهم، وخلق الشمس والقمر والحجارة لنفع العباد، فعبدوها فغيروا خلق اللَّه، عن الأصم، وقيل: إنه تعالى خلقهم لعبادته وهو الفطرة، وهو يأمرهم بعبادة غيره، وتقديره: لأحولنهم عن طاعتك التي خلقتهم لها إلى معصيتك التي نهيتهم عنها ولم تخلقهم لها «وَمَنْ يَتَّخِذِ الشَّيطَانَ وَلِيًّا» أي ربًّا «مِنْ دُونِ اللَّهِ» فيطيعه، وقيل: متبعًا يتبعه فيما أمره به من معصية اللَّه «فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُبِينًا» قيل: هلك هلاكًا بينا؛ إذ حرم نفسه الثواب، واستوجب العقاب الدائم «يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ» قيل: يعدهم أن يكون