قوله تعالى: {قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون 38 والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون 39}
  أسقط لم يجز دخول النون. فأما الأمر والنهي فتدخل النون فيه من غير (ما)؛ لأن الأمر والنهي يشتد الحاجة فيهما إلى التأكيد، والنون تلحق للتأكيد؛ فلذلك كان من مواضعها، وفي القسم تدخل إذا كان فيه لام، قال اللَّه تعالى: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ} وقال الشاعر:
  اسْتَقْدِرِ اللَّه خَيْرًا وارْضَيَنَّ بِهِ ... فَبَيْنَمَا العُسْرُ إِذْ دَارَتْ مَيَاسِيرُ
  وقد تدخل في الاستفهام أيضًا، قال:
  أَفَبَعْدَ كِنْدَةَ تَمْدَحَنَّ قَبِيلاَ
  وقوله: «فَإمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ» شرط وجوابه الفاء، و (مَنْ) بَعْدَهُ من قوله: (فَمَنْ) شرط آخر، وجوابه الفَاء من بعده «فَلا خَوف عليهم».
  ويقال: ما موضع (أولئك) من الإعراب؟
  قلنا: فيه ثلاثة أوجه:
  الأول: أنه بدل من الَّذِينَ. أو عطف بيان، وأصحاب النار بيان عن أولئك، مجراة مجرى الوصف، والخبر «هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ».
  والثاني: أن يكون ابتداء، وخبره موضع خبر الأول.
  والثالث: أن يكون على خبرين بمنزلة خبر واحد كقولك: حلو حامض.
  ويقال: لم دخلت الفاء في سورة الحج في قوله: {فَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ} ولم تدخل ههنا؟
  قلنا: لأن ما دخل فيه الفاء في خبر الَّذِينَ وأخواته مشبه بالجزاء وما لم يكن فيه الفاء فعلى أصل الخبر.