قوله تعالى: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا 123}
  الثالث: أنه ينقص بقدر عقاب الصغيرة من ثوابه، فينجبر بما ذكر عن أبي هاشم وأصحابه.
  · النظم: قيل: لما جحد المشركون ما أُوعدوا من الجزاء كذبهم في أمانيهم وبين وقوع العذاب بهم، عن أبي مسلم، وقيل: لما تقدم الوعد والوعيد بين عقيبه أنه ليس بالأماني، وإنما هو جزاء على الأعمال، وقيل: إنه يتصل بقوله: «يعدهم ويمنيهم»، فبين أنه ليس بالأماني كما زين لهم الشيطان، ولكن بالأعمال.
  · المعنى: «لَيسَ بِأَمَانِيِّكُمْ» قيل: فيه محذوف أي ليس الثواب والعقاب بأمانيكم، وقيل: ليس وضع الدين على أمانيكم، ومعنى أمانيكم قيل: ليس على ما تمنون، وقيل: ليس على ما تظنون وتقدرون، والأول الوجه؛ لأنه الحقيقة، والخطاب في أمانيكم قيل: لعبدة الأوثان، عن مجاهد وابن زيد، وأمانيهم تقديرهم أن لا بعث، وقيل: الخطاب لأهل الإسلام، عن مسروق والسدي، وأمانيهم أن يغفر لهم وإن ارتكبوا الكبائر «وَلاَ أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكتَابِ» اليهود والنصارى، قيل: كانوا يقولون: نحن أبناء اللَّه وأحباؤه، فلا نعذب، وقيل: كانوا يقولون: لن يدخل الجنة إلا من كان هودًا أو نصارى، وقيل: قالوا لن تمسنا النار إلا أيامًا معدودة، وقيل: كانوا يأخذون عرض الدنيا، ويقولون: سيغفر لنا، ولا تنافي بين جميع ذلك، فقد قالوا كل ذلك، فرد عليهم: «مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ» يعني: من يعمل معصية يجازى عليها، قيل: هو في الكفار يعاقبون على الصغير والكبير، عن الحسن وابن زيد، وقيل: هو أهل الإسلام أيضًا وغيرهم، إلا أنه مصائب الدنيا يجازى جزاء منقطعًا، عن أُبَيٍّ بن كعب وعائشة ومجاهد، وروي ذلك مرفوعًا على ما قدمنا، وقيل: المراد بالسيئة الكبائر، وقيل: المراد كل معصية لا يكون معها توبة أو طاعة أعظم منها، عن أبي علي، وقيل: أراد كل صغير وكبير، إلا أنه في الصغيرة ينقص من ثوابه بقدره، فذلك جزاؤه «وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ» إذا عاقبه «وَلِيًّا» يقوم بأمره «وَلاَ نَصِيرًا» معينًا ينجيه من العذاب.