التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا 123}

صفحة 1755 - الجزء 3

  و «لا يجد» جزم عطفا على و «من يعمل»، وإنما جزم؛ لأنه شرط وجزاء، وقيل:

  الوقف عند قوله: {الكتاب} تام؛ لأنه تمام ما عملت فيه (ليس) من اسمها وخبرها، ثم استؤنف الخبر بعدها ب (مَنْ)، و (مَنْ) موضعه رفع بالابتداء.

  · النزول: قيل: تفاخر المسلمون وأهل الكتاب، فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم، ونحن أولى بِاللَّهِ منكم، وقال المسلمون: نحن أولى بِاللَّهِ منكم، نبينا خاتم النبيين، وكتابنا يقضي على الكتب، وديننا الإسلام، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، عن قتادة والضحاك.

  وقيل: قالت قريش: لا نبعث ولا نحاسب، وقال أهل الكتاب: لن تمسنا النار إلا أياما معدودة، فنزلت هذه الآية.

  وقيل: لما قالت اليهود نحن أبناء اللَّه وأحباؤه، فلن يدخل الجنة إلا من كان هودًا، نزلت الآية، عن مجاهد.

  فإن قيل: أليس روي أنه لما نزلت هذه الآية قال أبو بكر: من ينجو مع هذا يا رسول اللَّه؟ فقال ÷: «أما تمرض، أما تحزن، أما يصيبك البلاء فقال: بلى، قال: هو ذاك»؟

  قلنا: الخبر من الآحاد وطعن عليه أبو علي، وإن ثبت فمعناه أن الصغائر تكفر بالصبر على تلك الشدائد، عن أبي علي.

  الثاني: أن الصغير وإن وقع مكفرًا، فإنه يستحق به ضررًا منقطعا؛ لأن صاحبه يكون به ظالمًا لنفسه، عن أبي بكر أحمد بن علي.