التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن والمستضعفين من الولدان وأن تقوموا لليتامى بالقسط وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما 127}

صفحة 1764 - الجزء 3

  وكانوا لا يورثون النساء يتيمة وغيرها، ولا الصبيان، عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة وإبراهيم وابن زيد، وقيل: هو الصداق، عن عائشة، كانوا لا يورثون اليتامى اللاتي يلون عليهن حق الصداق، وهو قول أبي علي، وقيل: هو المهر والنفقة، وقيل: هو النكاح الذي كتب اللَّه لهن في قوله: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى} فمنعها الولي عن التزويج «وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ» قيل: ترغبون عن نكاحهن لدمامتهن، عن الحسن وعائشة، فنهوا عن عضلهن طمعًا في ميراثهن، وقيل: ترغبون في نكاحهن رغبة في مالهن أو جمالهن، عن ابن عباس وعبيدة «وَالْمُسْتَضْعَفِينَ» يعني ويفتيكم في المستضعفين «مِنَ الْوِلْدَانِ» أي الصغار من الصبيان، وقيل: تقديره: في الكتاب وفي المستضعفين «وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ» أي بالعدل قيل: تقديره: ويفتيكم أن تقوموا فيهم بالعدل، وكانوا لا يورثون النساء والصبيان، عن ابن عباس والسدي وابن زيد، ومعناه الأمر بأن يعطى كل ذي حق حقه صغيرًا كان أو كبيرًا، ذكرًا كان أو أنثى «وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيرٍ» قيل: فيما أمرتم به من أمر اليتامى والنساء، وقيل: هو عام «فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِهِ عَلِيمًا» لم يزل ولا يزال يجازيكم به، ولا يضيع شيء منه.

  · الأحكام: تدل الآية على جواز نكاح الصغيرة على ما يقوله الفقهاء، خلاف ابن علية.

  وتدل على أنها يزوجها غير الأب والجد على ما ذهبت إليه الحنفية، واختاره أبو علي خلاف ما يقوله الشافعي؛ لأنه لا يذم على رغبة نكاحها إلا وله إنكاحها.

  وتدل على أن لابن العم أن يزوج وليته من نفسه، فيكون هو الولي والخاطب والعاقد والقابل، على ما يقوله أصحاب أبي حنيفة، خلاف ما يقوله الشافعي، واختار شيخنا أبو علي القول الأول لظاهر الآية.

  وتدل على أن للولي أن يتصرف في مال اليتامى؛ لأن القيام بالقسط لا يتم إلا بذلك.

  وتدل على أن ذلك من الخيرات والقرب، وقد قالوا: الأولياء ثلاثة: ولي يتصرف في النفس والمال كالأب والجد والقاضي، وولي يتصرف في النفس دون