التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا 128}

صفحة 1766 - الجزء 3

  على زوجها، كأنها ترتفع عليه ببغضه، ونشز بعلها: إذا ضربها وجفاها، قال ابن دريد: نشزت المرأة ونَشَصَتْ ونَشَسَت.

  وأصل الصلح، من الصلاح الذي هو ضد الفساد.

  والشح: البخل مع حرص، وشاح الرجلان على الأمر لا يريدان أن يفوتهما، ورجل شحيح، والجمع أشحة، وشح يشح شحًّا، ومنه: الزَّنْدُ الشَّحَاح: الذي لا يُورِي نارًا.

  · الإعراب: يَصَّالَحَا: في الأصل يتصالحا، فسكنت التاء، وأدغمت في الصاد، ومثله: {ادَّارَكُوا} - أصله تداركوا أسكنت التاء للإدغام وأدغمت، ثم اجتلبت الألف للابتداء بها، وقلبت التاء دالاً وأدغمت في الدال، فصار «اداركوا».

  · النزول: روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير أن الآية نزلت في ابن السائب كانت له امرأة، له منها ولد، فكبرت، فأراد أن يطلقها فقالت: لا تطلقني ودعني أقم على ولدي، واقسم لي في كل شهر عشرًا، فقال الرجل: إن كان هذا يصلح فهو أحب إليَّ، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية.

  وقيل: نزلت في قصة سودة أراد النبي ÷ ذلك، ولم يطلقها، حكاه القاضي.

  وعن عائشة أنها نزلت في المرأة تكون عند الرجل لا يشتكي منها، ويريد الاستبدال بها، فتقول: أمسكني وتزوج بغيري، وأنت في حل من النفقة والقَسْمِ.

  وقيل: بل نزلت في بنت محمد بن مسلمة. واختلفوا في اسمها، فقيل: عمرة، وقيل: خولة، وفي زوجها، واختلفوا في اسمه، فقيل: [سعد] بن الربيع، وقيل رافع بن خديج، وكانت شابة، فلما طعنت في السن تزوج عليها شابة، وآثرها عليها،