التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير وأحضرت الأنفس الشح وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا 128}

صفحة 1767 - الجزء 3

  وجفاها، فأتت رسول اللَّه ÷، وشكت إليه، فنزلت الآية، عن جماعة من المفسرين. ومتى اصطلحا في هذه الحالة على شيء فهو جائز.

  · المعنى: لما تقدم نشوز المرأة وحكمه من الهجر والضرب، بَيَّنَ نشوز الرجل وحكم المصالحة بينهما؛ لأنه القيم عليها فله منها ما ليس لها منه، فقال تعالى: «وِإنِ امْرَأَة خافتْ» قيل: علمت، وقيل: ظنت «مِنْ بَعْلِهَا» أي من زوجها «نُشُوزًا» أي ترفُّعًا عليها بالبغضة لها، إما لدمامتها أو لكبرها أو لصغرها، وقيل: نشوزًا: بغضًا، وقيل: أراد ترك مجامعتها ومضاجعتها، عن الكلبي «أَوْ إِعْرَاضًا» قيل انصرافًا عنها بوجهه ومنافعه «فَلا جُنَاحَ عَلَيهِمَا» أي لا إثم ولا حرج على الزوج والمرأة «أَنْ يُصْلِحَا بَينَهُمَا صُلْحًا» وهو أن يخيرها بين الرضا بدون حقها واستدامة النكاح أو فراقها، أو تراضٍ بدون حقها في القسم أو حط شيء من المهر ليستديم النكاح، فإن رضيت فقد أحسنت، وإن لم ترض وجب عليه توفير حقها من القسم والمهر، أو تسريحها بإحسان، فإن أمسكها على كراهة منه، وأوفاها حقها فهو المحسن الذي مدحه اللَّه تعالى، ووعده المجازاة الحسنة، وقيل: هي المرأة لا يحبها الزوج لدمامتها، فيصطلحان على شيء، عن علي، وقيل: يتراضيان على شيء معلوم في نفسه وماله، عن سعيد بن جبير، وقيل: تعطيه من ماله لينقص من قسمها، عن مقاتل، وقيل: تنزل عن بعض مهرها، أو بعض أيامها، عن ابن عباس «وَالصُّلْحُ خَيرٌ» قيل: خير من الإقامة على النشوز والإعراض، عن أبي علي، وقيل: من الفرقة بعد الألفة، عن الزجاج والأصم «وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ» قيل: وأحضرت النساء الشح أي البخل على أنصبائهن من أزواجهن وأموالهم، عن ابن عباس وسعيد بن جبير، وقيل: نفس كل واحد من الرجل والمرأة الشح لحظه قبل صاحبه: عن الحسن وأبي زيد وأبي علي «وَإنْ تُحْسِنُوا» فيه أقوال: