قوله تعالى: {بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما 138 الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعا 139}
  · المعنى: «بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ» قيل: أخبرهم، وقيل: اجعل موضع البشارة لهم إخبارهم بالعذاب عن الزجاج «بِأَنَّ بَهُمْ» على نفاقهم «عَذَابًا أَلِيمًا» يوم القيامة أليمًا أي مؤلمًا، وإنما جمع بين العذاب والأليم، قيل: العذاب استمرار الألم، والأليم من صفة المبالغة، فهو مع أنه مستمر شديد، وقيل: للمبالغة والتأكيد، كقوله: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، ثم وصف المنافقين، فقال تعالى: «الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ» قيل اليهود، وقيل: مشركي العرب بمكة، وقيل: سائر الكفار «أَوْلِيَاءَ» قيل: أنصارًا، وقيل: أَخِلَّاءَ وبطانة «مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ» أي: اتخذوهم لمعونتهم دون المؤمنين «أَيَبْتَغُونَ» أيطلبون «عِنْدَهُمُ» أي: عند الكفار «العِزَّةَ» أي: القوة والنصرة على محمد والغلبة عليه «فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا» يعني غلطوا في ذلك؛ فإن العزة يعني القوة والقدرة لله جميعًا.
  ومتى قيل: كيف نفى عنهم، ونحن قد نرى لهم منعة وعزا؟
  فجوابنا: ألا يعتد بذلك مع عزته تعالى؛ لاحتقارها في جنب ذلك، وقيل: لأنه المقوي لغيره وهو القادر لنفسه، وقيل: لأنه تعالى حكم بكونهم أذلاء، وصفة «عزيز» ترجع إلى كونه قادرًا.
  · الأحكام: تدل الآية على أن إظهار الإيمان لا يغني مع إبطان الكفر، فيبطل قول من يقول:
  إن الإيمان هو الإقرار.
  وتدل على وجوب موالاة المؤمنين والنهي عن موالاة الكافرين، والمنهي عنه موالاتهم في الدين فقط.
  وتدل على أن العزة والنصرة تطلب من جهته تعالى؛ لأنه القادر عليه، وتدل على أن نفاقهم فِعْلُهُم؛ لذلك وبخهم عليه، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.