قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2 الرحمن الرحيم 3}
  والشكر يكون بالقلب وهو الأصل، ويكون باللسان، وقد يجب عند تهمة الجحود، وأصل الحمد: الوصف بالجميل، والحمد مصدر لا يُثَنَّى ولا يجمع، تقول: أعجبني حمدكم زيدًا.
  والرب: السيد، والرب: المالك، والرب: المربي المصلح، وأصله من التربية، وهو التنشئة، يقال: رُبِّيتُ، وربيته.
  والعالمين: واحدها عالم، وقيل: اشتقاقه من العلم؛ لأنه اسم يقع على ما يعلم، وقيل: من العلامة؛ لأنها تدل على صانعه، وقيل: العالم: النوع مما يعقل، وهم الملائكة، والجن، والإنس، عن ابن عباس وأبي علي، وقيل: أهل كل زمان عالم، وقيل: هو اسم لما حواه الفلك، و «عالم» لا واحد له من لفظه، كالقوم والرهط والنفر.
  ومتى قيل: لم ذكر الحمد دون الشكر؟
  قلنا: لأن الحمد يكون على نعمة وغير نعمة، فنحن نحمده على نعمته علينا، ونحمده على أفعاله الحسنة، وصفاته العلا.
  · الإعراب: «الْحَمْدُ لِلَّهِ» خبر ومعناه الأمر، كأنه قال: احمدوا اللَّه، وقيل في تقديره: قولوا: الحمد لله، فعلى هذا موضعه النصب، وقيل: أقول: الحمد لله، فعلى هذا يحتمل الرفع بتقدير ابتدائي الحمد، ويجوز في العربية نصب الدال، بتقدير: اجعل الحمد لله، واجعل لله الحمد، وقد بينا أن الفراء أجاز الكسر، وما قيل فيه.
  وكسر «رب»، لأنه جُعِل صفةً لله تعالى، ولو نُصِبَ أو رُفع جاز على المدح.
  · المعنى: ثم أمر تعالى بحمده، فقال: «الْحَمْدُ لِلَّهِ» يعني الوصف الجميل، والشكر على النعم كلها لله تعالى، والألف واللام للجنس، يعني كل الحمد لله؛ لأن النعم كلها منه: {رَبِّ العالَمِين} قيل: سيد الخلق ومالكهم، وقيل: منشئهم ومربيهم. «الرحْمَنِ»: المنعم بنعم الدنيا والدين. «الرَّحِيمِ»: واسع الرحمة، كأنه