قوله تعالى: {الحمد لله رب العالمين 2 الرحمن الرحيم 3}
  قيل: الأوصاف الجميلة والثناء الحسن كلها للذي يحق له العبادة؛ لكونه قادرًا على أصول النعم، وفاعلاً لها، ولكونه منشئًا للخلق، ومالكًا لهم، رحيمًا بهم.
  ومتى قيل: لم أعاد ذكر الرحمن الرحيم؟
  قلنا: قيل: لأن الأول ليس من السورة، وقيل: الأول للاستعانة، والثاني ليجعل الحمد كله له، وقيل: للمبالغة، وقيل: في الأول ذَكَرَ العبودية، ووصله بذكر النعم التي يستحق بها العبادة، وههنا ذكر الحمد، فذكر ما به يستحق الحمد من النعم، وليس فيه تكرار، عن علي بن عيسى.
  · الأحكام: الآية تدل على وجوب الحمد لله، والشكر على نعمه، وفيه تعليم منه لعباده كيف يحمدونه.
  ومتى قيل: كيف يؤدي شكر نعمه، وهو بأدائه يتجدد عليه نِعَمٌ لا تحصى من إعطائه القدرة، والآلة، والحياة، والعقل، والهداية؟
  قلنا: إذا أتى بما في وسعه فقد أدى حق الشكر، ولأن شكره يتناول النعم الماضية والآتية، ولأنه يعلم النعم على الجملة فيلزمه الشكر كذلك.
  فإن قيل: فما الشكر؟
  قلنا: يكون بالقول، وبغير القول، ولذلك قال تعالى: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا} فبالقول إظهار النعمة، وبالقول يعظم المنعم، وبالفعل طاعة المنعم.
  ومتى قيل: فهل غير اللَّه يشكر؟
  قلنا: نعم؛ لأنه منعم، و [منه]، قوله تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ} إلا أن شيئًا من ذلك لا يكون إلا بنعمته تعالى من حيث إنه الخالق والمالك، وهو الذي