قوله تعالى: {لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما 148}
  أولها: أن يدعو على من ظلمه، عن ابن عباس وقتادة، يعني يكره رفع الصوت بما يسوء غيره إلا المظلوم يدعو على من ظلمه.
  وثانيها: ألا يخبر بظلم ظالمه، عن مجاهد.
  وثالثها: قال أبو علي: المراد لا يحب فيمن ظاهره الستر أن يكشف عن حاله، وإن كان صِدْقًا لدخوله في الغيبة والقذف، لكن من ظُلِمَ عليه إظهاره بأن يدعي أنه سرق، وهو معنى قول الأصم.
  ورابعها: ألا ينتصر من ظالمه، عن الحسن والسدي، فعلى هذه الوجوه الاستثناء حقيقة، وقيل: الكلام تم عند قوله: «مَا يَفْعَلُ اللَّه بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ ... إِلَّا مَنْ ظُلِمَ».
  فأما قراءة من قرأ {ظَلَمَ} بالفتح كأنه قيل: لكن من ظلم بالجهر له بالسوء من القول جاز، وقيل: المراد به المشرك يستحق الشتم والجهر بالسوء، وقيل: المراد أن يستضيف ويمنع حقه، عن مجاهد، وليس بالوجه؛ لأنه ليس بواجب، فلا يذم على تركه، وقيل: هم النساء والصبيان إذا منعوا حقوقهم، عن أبي مسلم «وَكَانَ اللَّه سَمِيعًا» لما يجهر به من القول «عَلِيمًا» بصدق الصادق وكذب الكاذب، يجازي كُلاً بعمله.
  · الأحكام: تدل الآية على أن الظالم إذا هتك ستره يجوز إظهار ما فيه، وقد وردت السنة بذلك فقال ÷: «قولوا في الفاسق ما فيه يعرفه الناس» وقال: «لا غيبة لفاسق»، وإنما هو فيمن هتك ستره دون المستور أمره.
  وتدل على أن كشف سر غيره لا يجوز، وذلك تأديب منه تعالى، وأمر بالأخذ بأشرف الأخلاق.