قوله تعالى: {إن تبدوا خيرا أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا قديرا 149 إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا 150 أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا 151 والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما 152}
  قيل: إبداؤها فعلها وإخفاؤها العزم عليها واعتقادها، وقيل: الخير المال، يعني إن تظهروا صدقة أو تخفوها «أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ» أي: تصفحوا عمن أساء إليكم مع القدرة على الانتقام ولا تجاوزونه «فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا» قادرًا على فعل ذلك عنكم، ويغفر سيئاتكم «إِنَّ الَّذِينَ يَكفُرُونَ بِاللَّهِ» يجحدونه ويجحدون صفاته أو يشكونه، وبرسله فينكرون إرساله كاليهود كفروا بعيسى ومحمد @، والنصارى آمنوا بعيسى والإنجيل، وكفروا بمحمد والقرآن، عن الحسن وقتادة والسدي وابن جريج وأبي علي «وَيُرِيدُون أَنْ يُفَرِّقُوا بَينَ اللَّه وَرُسُلِهِ» لأن الإيمان برسله إيمان به؛ حيث أمروا بطاعته، ودُعُوا إلى توحيده، والإيمان به إيمان برسله حيث أمر بطاعتهم، والتفريق بينهما هو تصديق أحدهما وتكذيب الآخر، وقيل: يريدون أن يفرقوا بين آيات اللَّه وكلها سواء «وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ» أي: نصدق بعضًا ونكفر بعضًا «وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَينَ ذَلِكَ سَبِيلًا» قيل: طريقا ومذهبًا يذهبون إليه، وقيل: دينًا يدينون اللَّه به، عن ابن جريج، وقيل: طريقًا غير طريق الحق «أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا» يعني كفرهم في العِظَمِ إذا أضيف إلى كفر سائر الكفار كأنهم مجاز وهَؤُلَاءِ الكفار حقيقة، وقيل: لما ذكر إيمانهم بالبعض، والكفر بالبعض بَيَّنَ أنهم الكافرون حقًّا إزالة لتوهم أن ذلك الإيمان يزيل عنهم إطلاق اسم الكفر «وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا» يهانون فيه بأن يفعل بهم ذلك استحقاقًا «وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ» صدقوا اللَّه بتوحيده وعدله وصفاته الواجبة وجميع أنبيائه «وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَينَ أَحَدٍ» من رسله «أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ» يعطيهم «أُجُورَهُمْ» ثوابهم وجزاءهم على إيمانهم «وَكَانَ اللَّه غَفُورًا رَحِيمًا» يغفر لهم ما سلف من. المعاصي رحيم يدخلهم الجنة، وقيل: يغفر لهم، ويرحمهم بالهداية، وقيل: غفور لمن استحق الغفران، رحيم بمن استحق الأجر والثواب.
  · الأحكام: تدل الآية على أن الخصال المذكورة في الآيات من القُرَب، لذلك رغب فيها ومدح عليها.