التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا 155 وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما 156}

صفحة 1813 - الجزء 3

  وقلب أغلف: كأنما أغشي غلافًا فهو لا يعي شيئًا، وعش أغلف أي: واسع، وأغلفت السكين: جعلت لها غلافًا، وأدخلتها في الغلاف، وغلفت لحيته بالغالية من ذلك.

  والطبع: الختم، والطبع: الحيلة، والطَّبَعُ بفتح الباء: الدنس، والطابَع بالألف وفتح الباء: الخاتم، وبكسر الباء: الذي يَخْتِمُ.

  والبهتان: الكذب الذي يحير لشدته، وأصله التحير من قولهم: رجل مبهوت أي: متحير. والمباهتة: نظير المكابرة. وبنوا البهتان على بناء نقيضه البرهان، وبهت الرجل: دهش، ومنه: {فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} وتقول العرب: يا للبهتة؛ أي: يا للكذب.

  · الإعراب: العامل في الباء في قوله: «فبما نقضهم مِيثَاقهم» محذوف، وتقديره: فبنقضهم ميثاقهم، وكفرهم وقتلهم وقولهم لعناهم وسخطنا عليهم، عن قتادة، ودليل المحذوف أنها صفات ذم، فتدل على اللعن، وقوله: «بَلْ طَبَعَ اللَّهُ» اعتراض بين ذلك، وقيل: العامل في الباء حرمنا عليهم طيبات عن الزجاج، وزعم أن قوله: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا} بدل من قوله: «فبما نقضهم» وفي هذا بعد لتباعد ما بين الكلامين، و (ما) في قوله: «فَبمَا نَقْضِهِم» صلة مؤكدة كقوله: {فبِمَا رَحمَةٍ} تقديره: فبنقضهم ميثاقهم، والعامل في قوله: «وبكفرهم» يحتمل وجهين:

  أحدهما: المحذوف بأن يعطف على أول الكلام بتقدير: بنقضهم وبكفرهم لعناهم.

  الثاني: أن يعمل فيه (طبع) فيكون معطوفًا على الفعل في آخر الكلام.