قوله تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله وقتلهم الأنبياء بغير حق وقولهم قلوبنا غلف بل طبع الله عليها بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا 155 وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما 156}
  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى من حيث أفعالهم وما جازاهم به فقال سبحانه: «فَبِمَا نَقْضِهِمْ» أي: بنقض هَؤُلَاءِ الَّذِينَ تقدم ذكرهم عن أهل الكتاب «مِيثَاقَهُمْ» عهودهم قيل: هم أسلاف اليهود، وقيل: هم الَّذِينَ كانوا أيام النبي ÷، عن أبي علي «وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّه» أي: حججه ومعجزاته التي أظهرها على أنبيائه، وقيل: كفرهم بمحمد والقرآن ومعجزاته، عن أبي علي «وَقَتْلِهِمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيرِ حَقٍّ» من غير استحقاق كزكريا ويحيى @ وغيرهما «وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ» قيل: ذات غلف أي: هي في غلاف {مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ ٦٢} لأنا لا نفهم منه شيئًا، عن أبي علي وجماعة، وقيل: غلف: أوعية للعلم، وهي مع ذلك لا تفهم احتجاجك بما تحتج به، عن الزجاج، وقيل: هي أوعية للعلم فلا تحتاج إلى علمك «بَلْ طَبَعَ اللَّه عَلَيهَا» قيل: الطبع علامة جعلها اللَّه على قلوبهم تدل الملائكة أنهم كفار، وليس ذلك بمانع من الإيمان، عن أبي علي، وقيل: إنه ذم لهم بأن جعلها كالمطبوع عليها التي لا تفلح أبدًا، وكان الحسن يقول: أهل الطبع لا يؤمنون أبدًا «بِكُفْرِهِمْ» أي: بسبب كفرهم «فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا» قيل: إلا قليلاً منهم، عن أبي علي، قال: فلما آمنوا أزال الطبع، وقيل: إلا إيمانا قليلاً؛ لأنهم يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض «وَبِكفرِهِمْ» قيل: إنما كرر ذكر الكفر؛ لأن المعنى وبكفرهم بالمسيح فهو محذوف لدلالة ما بعده عليه، عن أبي علي، وقيل: تفخيمًا لحالهم أنهم كفروا كفرًا بعد كفرهم «وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ» أم عيسى «بُهْتَانًا عظيمًا» أي: كذبًا عظيمًا، وذلك أنهم رموها بالزنا، عن ابن عباس وجويبر والسدي وغيرهم.
  · الأحكام: الآية تتضمن الحكاية من قبيح أفعال اليهود وأقوالهم وما جازاهم به من اللعن، وتدل على النهي عن مثل حالهم، والحث على مخالفتهم.
  وتدل على كذبهم على مريم، وبراءة مريم مما رموها به.
  وتدل على عظيم أمر القذف والفرية؛ ولذلك سمي بهتانًا.