التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}

صفحة 352 - الجزء 1

  · اللغة: الثمن: هو البدل في البيع، وإذا قيل في غير ذلك: ثمن، فهو مشبه به توسعًا، والثمن المطلق هو الدراهم والدنانير، ولذلك يلزمهما بالبدل، وإذا عينت هل يتعين؟

  قال أبو حنيفة: لا يتعين في العقود؛ لأن تعيينه لا يفيد، ولأنه يثبت في الذمة مطلقًا، وقال الشافعي: يتعين، ولا خلاف أنه يتعين في المغصوب.

  والقليل: نقيض الكثير.

  والأول: هو الموجود قبل كل شيء، ونظيره السابق، ونقيضه الآخر، واللَّه هو الأول الآخر، وإذا أطلق على غيره فالمراد به أنه سابق لغيره، ومتأخر عن غيره.

  · الإعراب: نصب «مُصَدِّقًا» لأنه حال من الهاء المحذوفة كأنه قال: أنزلته مصدقًا، وقيل:

  انتصب ب (آمنوا)، تقديره: آمنوا بالقرآن مصدقًا.

  ويقال: لم وحد كافر، وقبله الجمع؟

  قلنا: قال الفراء: لأنه في معنى الفعل كأنه أول من كفر به، ولو أريد الاسم لم يجز إلا بالجمع كقولك للجماعة: لا تكونوا أول رجال يفعلون، ولا يجوز: لا تكونوا أول رجل، وقال المبرد: معناه أول قبيل كافر، وأول حزب كافر به، فيكون نعت الجمع.

  · النزول: قيل: نزلت الآية في كعب بن الأشرف وأصحابه من أحبار اليهود ورؤسائهم، وكان لهم مال يأخذونه من عوامهم في كل سنة ورئاسة، يقتدي الناس بهم ويرجعون إليهم، فخافوا إن صدقوا بمحمد ÷ أن يفوتهم ذلك فكتموا أمره وأظهروا عداوته فنزلت الآية.