التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}

صفحة 353 - الجزء 1

  · المعنى: ثم بَيَّنَ تعالى تفصيل ما أجمله في قوله تعالى: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} فقال تعالى: «وَآَمِنُوا» أي صدقوا «بِمَا أَنزَلْتُ» يعني القرآن؛ لأنه أنزله من السماء إلى الأرض «مُصدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ» قيل: جاء موافقًا لما تقدم الإخبار به في كتبهم، فهو حجة عليهم، وقيل: يصدق التوراة والإنجيل، والأول الوجه؛ لأنه يكون حجة عليهم، وقيل: إنه خطاب لأحبار اليهود، وقيل: لأهل الكتاب، «وَلاَ تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ» أي أول كافر من أهل الكتاب، وقيل: كانت قريش كفرت قبلهم بمكة، عن أبي علي، وقيل: لا تكونوا أول جاحد أن صفته في كتابكم، وقيل: لا تكونوا السابقين إلى الكفر فيتبعكم الناس، فتكونوا أئمة الكفر، وقيل: لا تكونوا أول كافر بما معكم من كتابكم فيتبعكم الناس «بِهِ» قيل: بمحمد، عن ابن جريج وأبي علي، وقيل: بالقرآن، عن أبي العالية، وقيل: بما معكم من الكتاب، عن الأصم والزجاج.

  ومتى قيل: لِمَ عظم الكفر الأول؟

  قلنا: لأنه يُقْتَدَى به فيصير من أئمة الكفر فيعظم دوره، كما أن المقتدى به في الخير يعظم ثوابه.

  «وَلاَ تَشْتَرُوا بِآيَاتِي» قيل: بحججي وما أنزلته من الكتب، وقيل: أراد به صفة محمد ÷ «ثَمَنًا قَليلاً» لا تأخذوا على تعليمه أجرًا، قال أبو العالية: في كتابهم: «ياابن آدم علم مجانًا كما علمت مجانًا»، وقيل: لا تأخذوا على كتمانه أجرًا وهو ما كانوا يأخذونه من الأموال والرُّشا في الدنيا ليكتموا صفة محمد ÷.

  ويقال: لِمَ دخل الباء ههنا في الآيات، وفي سورة يوسف على الثمن فقال:

  {بِثَمَنٍ بَخسٍ