التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك وكلم الله موسى تكليما 164 رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل وكان الله عزيزا حكيما 165}

صفحة 1827 - الجزء 3

  · اللغة: اقتصصت الحديث: رويته على جهته، وهو مني اقتصصت الأثر: إذا اتبعته، ومن ذلك اشتقاق القصاص في الجراح، ثم يدغم أحد الصادين في الآخر، فيقال: قص يقص، وجاء القرآن بهما في قوله: {لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ} و {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ} والكلام معروف، والكليم: الذي يكلمك، ويقال للقصيدة: كلمة، يقال: تكلم هو، وكلم غيره، واشتهر موسى بأنه كليم اللَّه، كما اشتهر إبراهيم بأنه خليل اللَّه.

  · الإعراب: يقال: لم نصب (رسلا)، ولم يخفض على العطف على ما قبله؟

  فجوابنا: فيه أربعة أوجه:

  الأول: أن يحمل على معنى الذي بعده تقديره: وقصصنا رسلاً، كما تقول:

  رأيت زيدًا، وعمرًا أكرمته، وهو الاختيار عند الزجاج؛ لأنه أكثر في النظائر.

  الثاني: أن يحمل على معنى الفعل الأول للمقارنة؛ لأن معنى (أوحينا) معنى (أرسلنا)، كأنه قال: أرسلناك والنبيين ورسلاً.

  الثالث: أن يكون عطفًا على الموضع كقولك: مررت بزيد وعمرًا.

  الرابع: بنزع الصفة تقديره: وإلى رسل.

  وقوله: «رسلا مبشرين» العامل فيه (أوحينا)، على معنى الحال أي: أوحينا إليهم رسلاً، وهو قطع عند الفراء، ويجوز أن يكون مدحًا على تقدير: أعني رسلاً مبشرين.

  · المعنى: ثم أجمل ذكر الرسل بعد تسمية بعضهم فقال: «وَرُسُلاً» أي: أرسلنا رسلاً «قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيكَ مِنْ قَبْلُ» أي: حكينا لك أخبارهم كهود وصالح وشعيب وموسى وعيسى وغيرهم ممن ذكر اللَّه في القرآن «وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ» لم نحك