التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا 166}

صفحة 1830 - الجزء 3

  · النزول: قيل: إن جماعة من اليهود دخلوا على رسول اللَّه ÷ فقال لهم: «إني - وَاللَّه - أعلم أنكم لتعلمون أني رسول اللَّه» فقالوا: ما نعلم ذلك، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآية، عن ابن عباس.

  وقيل: إن جماعة من الرؤساء، قالوا له: إنا سألنا اليهود عنك وعن صفتك في كتابهم، فزعموا أنهم لا يعرفونك، فنزلت الآية.

  وقيل: إن قريشًا قالت له: من يشهد لك بما تقول، فنزلت الآية.

  · المعنى: ثم عقب ذكر إنكارهم وجحودهم جوابًا لهم وإنكارًا عليهم، فقال تعالى: «لَكِنِ اللَّه يَشْهَدُ» يعني: إن لم يشهد لك هَؤُلَاءِ بالنبوة فاللَّه يشهد؛ لأن (لكن) تنبئ عن ذلك، ومعنى (يشهد) قيل: من الشهادة أي: إن لم يشهدوا فهو يشهد، وقيل: معناه يبين بما يغني عن بيان أهل الكتاب، عن الزجاج والأصم «بِمَا أَنزَلَ إِلَيكَ» يعني يشهد بأنه أنزل عليك القرآن والإسلام «أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ» قيل: يُعلّم بك وأنك أهل لذلك وتبليغه وقيامك به، وعلمك بما فيه وحسن دعائك إليه، عن أبي مسلم، وقيل: أنزل القرآن بما فيه عن علوم الدين الذي يحتاج إليه العباد، عن الزجاج، وقيل: أنزل فيه علمه بالحق وما يسرون وما يعلنون، عن الأصم، وقيل: أنزله وهو عالم أنه يوحى إليك على جهته من غير زيادة ولا نقصان ولا تحريف، وقيل: أنزله وهو عالم به ووجه المصلحة فيه وبأمره وعلمه أنزله، عن أبي علي.

  ومتى قيل: فأي حجة في هذا على المخالفين؟

  قلنا: إذا أبوا أن يشهدوا بما شهد اللَّهُ به فقد بانَ خزيهم، وقيل: بين بالمعجزة ما