قوله تعالى: {لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا 166}
  وتدل على أنه لو لم يبعث لما حسن أن يعاقب؛ لأنه لو حسن لما كانت الحجة عليه.
  وتدل على بطلان قول الأشعرية: إنه لو أراد أن يعذب قبل البعثة أو أراد أن يعذب المؤمنين حسن منه.
  وتدل على بطلان الجبر؛ لأن عدم البعثة إذا كان حجة للعبد فعدم القدرة بل خلق الكفر فيه، وسلب قدرة الإيمان، وإرادة الكفر والإضلال عن الإيمان أكبر في الحجة؛ لأنه لو خلق الإيمان أو قدرة الإيمان ولم يرسل إليه أحدًا كان مؤمنًا، ولو لم يفعل ذلك وبعث ألف رسول لم يؤمن فما معنى البعثة.
  ومتى قيل: هل تتفق أحوال المكلفين في البعثة، ولأي شيء يبعث؟
  قلنا: أحوال المكلفين تختلف، فربما يكون ذلك مصلحة فيجب، وربما لا يكون مصلحة فلا يجب، ولهذا قلنا: إذا حسن وجب، وإذا لم يجب يقبح، فأما ماله يبعث؟ فعند شيخنا أبي هاشم لا بد أن يكون معه شرع مبتدأ، أو إحياء مندرس، وعند أبي علي يحسن لغير ذلك من الأمر بالمعروف ونحوه، وعند أبي القاسم يجب أن يكون في بعثه فائدة ما.
قوله تعالى: {لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ١٦٦}
  · اللغة: الشهادة: الإخبار بما قد شوهد، وأصله من المشاهدة، والشاهد: المبين للأمر الذي يشهد به.
  · الإعراب: (لكن) إذا خففت رفعت ما بعدها، وإذا ثُقِّلتْ نصبت. والباء في قوله: «بعلمه» معناه أنزله وهو عالم به، كقولهم: أتيتك بعلم؛ أي: وأنا عالم بك.