التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ياأيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم إن الله يحكم ما يريد 1}

صفحة 1851 - الجزء 3

  ابن زيد، وقيل: هي الأيمان والنذور وما يعقده الإنسان على نفسه مما ليس بمعصية، عن أبي علي. وقيل: العقود التي يعقدها بعضكم مع بعض، وقيل: هو عام في جميع ذلك، وهو الصحيح «أُحِلَّتْ لَكُمْ» قيل: أحل لكم أكلها وذبحها والانتفاع بها «بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ» قيل: الإبل والبقر والغنم، عن الحسن وقتادة والربيع والضحاك والسدي، وقيل: تدخل فيه الضباء وبقر الوحش لأنها بهيمة، وتقدير الكلام: أحلت لكم البهيمة التي هي الأنعام، كما يقال: نفس الإنسان ومسجد الجامع وصلاة الأولى، وقيل: هي أَجِنَّةُ الأنعام، عن الشعبي. وروي عن ابن عباس أن بقرة ذبحت فوجد في بطنها جنين، فأخذ ابن عباس جنينها وقال: هذا من بهيمة الأنعام، وعن ابن عمر أنها أجنة الأنعام، وذكاته ذكاة أمه «إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيكمْ» يعني إلا ما يقرأ عليكم تحريمه في القرآن في قوله: «حُرِّمَتْ عَلَيكُمُ الْميتَةُ ..» الآية، عن ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة والسدي وأبي مسلم، وقيل: إلا ما يتلى عليكم من أكل الصيد وأنتم حرم، عن أبي علي «غَيرَ مُحِلِّي الصَّيدِ وَأَنْتُم حُرُمٌ» أي لا تحلوا الصيد وأنتم مُحْرِمُون، واختلفوا في تقدير الكلام، قيل: أوفوا بالعقود غير محلي الصيد، وقيل: أحلت لكم بهيمة الأنعام غير مستحلين الصيد وأنتم حرم، وقيل: إلا محلي الصيد وأنتم حرم وإِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ «إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ» يعني يحكم في خلقه بما يريد من التحريم والتحليل على حسب ما يعلم من المصلحة، وقيل: يتعبد عباده بما يريد من مصالحهم.

  · الأحكام: تدل الآية على أن الوفاء بالعقود تَعَبُّدٌ وقربة، والحاصل على اختلاف المفسرين فيه يعود إلى ثلاثة أشياء: إما أوامر اللَّه ونواهيه، أو النذور و الأيمان، أو العقود بين الناس، والظاهر أن جميع ما يُعقد له ويعقد هو لنفسه يدخل فيه، فالعبادات عقود يلزم الوفاء بها، وكذلك النذور إن كانت طاعة يلزم الوفاء بها، فأما إذا كان معصية أو