التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم 3}

صفحة 1864 - الجزء 3

  و (النصب) بفتح النون والصاد، وبفتح النون وسكون الصاد، وهو حجر ينصب ويعبد، وهو من الانتصاب، والصنم: ما له صورة، والوثن كالنُّصُب، وقيل: هو واحد وجمعه أنصاب، نحو: عنق وأعناق، وقيل: هو جمع واحده نِصاب كشُهُب وشِهاب، وفي العين نُصُبٌ جماعة النصيبة.

  والاستقسام طلب القسمة، والقَسْم بفتح القاف مصدر قسمت الشيء، والقسم بالكسر: النصيب، والقَسَمُ: اليمين، وأصله من القسامة وهي الأيمان تقسم على أولياء المقتول، ثم كثر حتى سمي كل قسم يمينًا.

  والزَّلَم مثل قلم، والزُّلَم مثل عمر لغتان، وهو القِدْحُ، والجمع الأزلام، [يقال]: اقتسم بالأزلام.

  واليأس قطع الرجاء، وفيه لغتان يَئِسَ يَيْأَسُ وييْئِسُ مثل يمنع ويضرب، ويأس يأسًا وآيس أَيْسًا لغتان، ويقال: إلا هذا.

  والمخمصة مفعلة من خمص البطن، والخامص: الضامر يقال: خمص خمصًا بكسر الخاء وضمها، والمخمصة: المجاعة، وهو اضطهار البطن من الجوع.

  والحيف: الميل، ورجل أحيف: في خلقه ميل، يقال: هو الطويل المُبْخَع، ويقال: حَافَ القوم عليَّ، أي: مالوا.

  والنطح معروف، ورجل نطيح مشؤوم، والنطيحة معدولة من المنطوحة.

  ومتى قيل: فلم أنيب الهاء فيه مع أنه معدول إلى فعيل، ولم تنب في كف خضيب، ولحية دهين، وعين كحيل؟

  فجوابنا: فيه قولان:

  الأول: ألا يكون العدل على المبالغة، ولكن كقولهم الطويلة.

  الثاني: قال بعض الكوفيين: إنما تحذف الهاء إذا ذكر الموصوف قبل الصفة، فأما إذا حذف فتنيب الهاء نحو قولك: خَضِيبَة ودهينة وكَحِيلَة.