التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم 3}

صفحة 1866 - الجزء 3

  وقيل: لم ينزل عليه بعد هذه الآية شيء، وعاش بعدها واحدا وثمانين يومًا، وعن طارق بن شهاب أن يهوديًّا جاء إلى عمر، فقال: إن آية تقرؤونها لو نزلت علينا، وعلمنا ذلك اليوم لاتخذناه عيدًا، فقال: ما هي؟ فقال: «اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي»، فقال عمر: قد علمت في أن يوم نزلت، وفي أي مكان، إنها نزلت يوم عرفة يوم جمعة، ونحن مع رسول اللَّه، ÷ وقوفًا بعرفات، وكلاهما بحمد اللَّه لنا عيد، ولا يزال ذلك اليوم عيدا للمسلمين ما بقي منهم أحد، وذكر الأصم أنه حكي لابن عباس قول اليهودي، فقال: قاتله اللَّه إنها نزلت عشية عرفة، قال الأصم: فكأنه أخبر أن ذلك اليوم عيد إلى يوم القيامة، قال ابن عباس: كان ذلك اليوم خمسة أعياد: جمعة، وعرفة، وعيد اليهود، وعيد النصارى، وعيد المجوس، ولم تجتمع أعياد أهل الملل قبله ولا بعده.

  وروي أنه لما نزلت هذه الآية بكى عمر، فقال النبي: «ما يبكيك يا عمر»؟ فقال: أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا، فأما إذا كمل فإنه لم يكمل شيء إلا نقص، فقال ÷: «صدقت».

  · المعنى: لما أمر اللَّه تعالى بالوفاء بالعقود وبين ما يحل واستثنى المحرمات بَيَّنَ تفصيل المحرمات، وذكر نعمه علينا بإتمام الدين، فقال تعالى: «حُرِّمَتْ عَلَيكُمُ الْمَيتَةُ» يعني: أكلها والانتفاع بها، والميت ما فارقه الروح مما له دم سائل من غير جناية، وقيل: ما فارقه الروح من غير جناية، فالسمك والجراد حلالان، وقيل: إنه مخصوص