قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم 3}
  بالسنة. «وَالدَّمُ» يعني الدم المسفوح، أجمل ههنا، وفصل في قوله: {أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} فالكبد والطحال دمان ليسا بمسفوحين، وهما حلال، وقيل: كانت العرب في الجاهلية يجعلون الدم في الأمعاء ويشوونه ويأكلونه، فحرم ذلك عليهم: «وَلَحْمُ الْخِنزِير» فحرام لحمه وشحمه، وجميع أجزائه، وهل يدخل فيه شعره، وعظمه، قال بعضهم: نعم، وقال بعضهم: لا. والظاهر لا يتناول الشعر إلا أن يقال: حرم بدليل آخر. «وَمَا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّه بِهِ» يعني ذكر عليه غير اسم اللَّه من الأوثان التي كان أهل الجاهلية يعبدونها، عن الأصم وغيره، «وَالْمُنْخَنقَةُ» التي تختنق بحبل الصائد وغيره حتى تموت، عن الحسن والضحاك، وقتادة والسدي، قال ابن عباس: كان أهل الجاهلية يخنقون الشاة حتى إذا ماتت أكلوها. «وَالْمَوْقُوذَةُ» المضروبة بخشب أو غيره حتى تموت، عن ابن عباس وقتادة والسدي والضحاك، قال قتادة: كان أهل الجاهلية يضربونها بالعصا، حتى إذا ماتت أكلوها. «وَالْمُتَرَدِّيَةُ» الساقطة من رأس جبل أو في بئر فتموت، عن ابن عباس والحسن وقتادة والضحاك والسدي. «وَالنَّطِيحَةُ» المنطوحة حتى تموت، عن الحسن وقتادة والضحاك والسدي، وقيل: هي الناطحة حتى تموت «فَعِيل» بمعنى «فاعل»، يعني مات من نطاحه والأول أظهر، «وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ» يعني ما أكل السبع غير المعلَّم حتى تموت من أكله قبل أن يدرك ذكاته، تقديره: ما أكل السبع منه فحذف لدلالة الكلام عليه، وكان أهل الجاهلية يأكلون بقية ما أكل السبع، عن قتادة، و (ما) مع (أكل) بمنزلة الاسم، فصار كأنه قيل: وأكيلة السبع حرام عليكم «إِلَّا مَا ذَكيتُمْ»، ذكاته على التمام، فذكيتم يعني ذبحتم من جميع ما تقدم، وقيل: من أكيل السبع، وسئل الحسن عن ذلك، فقال: ما أدركت ذكاته فذكه، وقيل: كيف يعرف ذلك؟ فقال: إذا طرفت بعينها أو ضربت بذنبها، أو رجليها أو