التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه واتقوا الله إن الله سريع الحساب 4}

صفحة 1877 - الجزء 3

  الجوارح، وثالثها ما يحل من صيد الجوارح، وما يشترط فيه الإمساك. ورابعها:

  حكم التسمية والاختلاف فيه. والخامسة: دلالة قوله: «سريع الحساب».

  أما الأول: فقد بَيَّنَّا الخلاف فيه، والصحيح ما عليه الفقهاء أن الجوارح الكواسب من السباع والطيور، وأن صيد البازي يحل كما يحل صيد الكلب، وبينا أنه لا دلالة في الآية على أنه يختص الكلب.

  وأما الثاني: التعليم، فلا خلاف أنه شرط في حل الصيد، ونطق به الكتاب والسنة في خبر عدي بن حاتم: «إذا أرسلت كلبك المعلم وسميت اللَّه فكلْ» واختلفوا فيما به يصير معلَّمًا، فمنهم من قال: بإلف صاحبه، ويضري على الصيد، ويعود إليه، ومنهم من قال: ألا يأكل، وهو قول، أبي حنيفة وأصحابه، فأما إذا أكل منه فالأكثر على أنه لا يحل، فأما ما مضى من صيد هذا الكلب فعند أبي حنيفة يحرم؛ لأنه بانَ أنه ليس بمعلم، وعند أبي يوسف ومحمد يحل، قالا: لعله نسي، فأما تعليم البازي فأن يجيب إذا دُعِيَ، فأما إذا أكل من الصيد لا يحرم عند أكثر أهل العلم؛ ولذلك يضرب الكلب ليترك الأكل، ويعلم البازي حتى يجيب. واختلفوا فيمن يعلم، فقيل: يجب أن يكون مسلمًا، فإن كان لمجوسي يكره الصيد به، روي ذلك عن إبراهيم والحسن، والذي عليه الفقهاء إذا علم المجوسي جاز لأنه آلة كالسكين.

  وثالثها: لا شبهة في أن المرسل ينبغي أن يكون ممن تحل ذبيحته.