قوله تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين 5}
  أهل الكتاب، وأما من ذهب مذهب القاسم ويحيى @ قالوا: إنما خصهم كي لا يظن أن طعامهم يحرم كما أن ذبيحتهم تحرم.
  ويدل قوله: «وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ» على جواز نكاح الكتابية، وعن القاسم ويحيى @ أنه لا يحل، وإنما أراد مَنْ آمنت منهم كيلا يظن بقاء التحريم، قال القاضي: والأولى أنْ يحمل على الحرائر؛ لأن قوله: «آتيتموهن أجورهن» يقتضي ذلك؛ لأن الأمة يدفع مهرها إلى المولى، واختلف من قال: يحل نكاح الكتابية في هذه الآية وفي قوله: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} فمنهم من قال: إن الكتابية منسوخة، ومنهم من قال: المراد بالمشركات أهل الأوثان، فلا نسخ فيهم، ومنهم من قال: هو مخصوص لإمكان بناء أحدهما على الآخر، وهذا لا يجوز على مذهب من لا يجوز تأخير البيان عن وقت الخطاب.
  وتدل على تخصيص أهل الكتاب بذلك، وهم اليهود والنصارى؛ لتمسكهم بكتاب، فأما المجوس فليسوا من أهل الكتاب، وقال بعض أصحاب الشافعي: هم من أهل الكتاب، وليس بصحيح؛ لأنه لا كتاب لهم، فأما الصابئة فقيل: هم من النصارى، وقيل: هم بمنزلة عابد وثن ولا تحل ذبيحتهم، وهو الصحيح، وقيل: هم فرقتان فرقة تتمسك بالإنجيل، وفرقة تعبد الكواكب.
  ويدل قوله: {فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} على وجوب المهر، ولا شبهة أن إعطاء المهر ليس بشرط في العقد، والمراد عقد يجب به المهر، فإن سمي وجب المسمى وإن لم يسم وجب مهر المثل، وفي العقد الفاسد لا يجب مهر المثل.