قوله تعالى: {اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين 5}
  الكتاب، فتحل الحرائر ولا تحل الإماء، وهو قول مجاهد وجماعة من المفسرين، وإليه يذهب الشافعي، وقيل: أراد العفائف فتحل الحرائر، والإماء من أهل الكتاب عن الشعبي والسدي وجماعة، وهو مذهب أهل العراق، ثم اختلفوا فقيل: هن الذميات، عن ابن عباس، وقيل: الذمية والحربية، وهو الظاهر عن الحسن وسعيد بن المسيب وجماعة «إِذَا آتَيتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» إذا أعطيتموهن مهورهن «مُحْصِنِينَ غَيرَ مُسَافِحِينَ» يعني أحل بشرط النكاح دون الزنا، ودون أن يتخذوه خدنًا بلا نكاح، وكانت العرب تفعل ذلك، قال أبو مسلم: يجوز أن يكون المسافح من يزني بغريبة، واتخاذ الأخدان من يألفها وتألفه، وقيل: المسافح من يزني بكل من يجد، والخِدْن من يزني بصديقته دون غيرها «وَمَنْ يَكفُرْ بِالإيمَانِ» قيل: يجحد الإيمان، وهو ما جاء به النبي من الشرائع، عن أبي مسلم، وأبي علي، وقيل: من يكفر بالمؤمنين وبالإيمان، وقيل: أراد بالإيمان المؤمن به كقوله: {حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ٩٩} أي: الموقن به، وقيل: من يكفر بِاللَّهِ، ومعناه بِاللَّهِ الذي أمر بالإيمان، والأول الوجه؛ لأنه لا يحتاج فيه إلى حذف «فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ»، قيل: بطل أعمال بره لكفره، بمعنى ينحبط ثوابه، عن أبي علي، وقيل: هلك عمله لأنه وإن ظنه برا، فليس ببر، عن الأصم وأبي مسلم «وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ» من الهالكين الَّذِينَ أهلكوا أنفسهم حيث فوتوها ثواب اللَّه، وألزموها عقابه.
  · الأحكام: تدل الآية على أن طعام أهل الكتاب يحل لنا، وقد ذكرنا الاختلاف فيه، وقال القاضي: والأقرب أن يحمل ذلك على ذبائحهم؛ لأن ذلك بفعلهم يصير طعامًا، قال أبو مسلم: ولأن طعامهم الخبز ونحوه قبل نزول الآية وبعدها حلال طلق، ولأنه خص