التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل 12}

صفحة 1904 - الجزء 3

  أبي مسلم، «وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ» قيل: هو خطاب للنقباء عن الربيع، وقيل لبني إسرائيل الَّذِينَ أخذ منهم الميثاق، ويجوز أن يدخل النقباء، عن أبي مسلم، وأكثر المفسرين «إِنِّي مَعَكُمْ» قيل: بالنصر والحفظ، وقيل: شاهد بما تعملون، وفي الكلام حذف، تقديره: و «قال الله لهم»، محذوف لدلالة الكلام عليه «لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ» قيل: هو يتصل بما قبله أي: إني معكم إن أقمتم الصلاة، عن الأصم وأبي علي، وقيل: تم الكلام عند قوله: «مَعَكُمْ» ثم ابتدأ بقوله: «لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ» يا بني إسرائيل، وإقامتها: أداؤها بشرائطها «وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ» قيل: أعطيتموها مستحقيها «وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي» صدقتم جميع رسلي وما جاؤوا به من الشرائع «وَعَزَّرْتُمُوهُمْ» قيل: نصرتموهم، عن الحسن ومجاهد والزجاج والأصم، وقيل: عظمتموهم، عن أبي عبيدة وأبي علي، وقيل: إن اللَّه تعالى قال لهم هذا، وقيل: قاله موسى للنقباء «وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا» قيل: تنفقون في سبيل اللَّه وأعمال البر والجهاد نفقة حسنة، فيجازيكم اللَّه عليها، فكأنه فرض من هذا الوجه، وقيل: أعطيتم الفقراء ما يجب عليكم بطيب نفس منكم، فيجازيكم عليه بما هو خيبر منه، فسماه قرضًا مجازًا، وتوسعًا، عن أبي علي، وهو من لطيف الاستدعاء إلى التصدق «حَسَنًا» قيل: من الحلال عن أبي علي، وقيل: من وجوه يحسن فعلها «لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ» قيل: التكفير التغطية وهو ههنا الإسقاط، عن أبي مسلم، كأنه بالعفو عنه ستره فلم يظهره، وقيل: يعفو لكم عن الأجرام السالفة «وَلأدخِلَنَّكُمْ» مع ذلك «جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنهَارُ فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْكُمْ» إشارة إلى الميثاق والحجج، عن الأصم وأبي علي وأكثر المفسرين، يعني فمن جحد منكم يا بني