التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين 13}

صفحة 1909 - الجزء 3

  أن يكونوا - هذا القليل - من أهل العهد، ولم يخونوا العهد، فأمر بالصفح عنهم ما داموا على العهد، عن أبي مسلم، وليس فيه نسخ، «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ» قيل: مَنْ أحسن بالعفو والصفح عمن أساء إليه، وقيل: إنه يرجع إلى القليل إذا حمل على أنهم مؤمنون؛ أي: اللَّه يحبهم لأنهم محسنون فلا تتعرض لهم، عن أبي مسلم، قال: فإن كان القليل أهل العهد فـ (المحسنين) يرجع إلى النبي ÷: وهو أولى التأويلين.

  · الأحكام: تدل الآية على قبح نقض الميثاق، وأن اليهود نقضوا.

  وتدل على ذمهم والتحذير عن مثل طريقتهم.

  وتدل على الاطلاع على خياناتهم ليحذروا.

  وتدل على نبوة نبينا ÷ أنه لما أظهر سرائرهم، ولا يعلم ذلك إلا بتوقيف.

  وتدل على الأمر بالصفح، وقد اختلفوا فيه على قولين: منهم من قال: إنه من الكفار ثم نسخ، ثم اختلف هَؤُلَاءِ، فقيل بآية السيف {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} عن قتادة، وقيل: بقوله: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً}، عن أبي علي، والقول الثاني: أنها محكمة، وليست منسوخة، ثم اختلفوا، فقيل: اعف عنهم، وأعرض عنهم، وأعرض لا تحقد عليهم، ولا تهجرهم؛ فإنه أدعى لهم إلى إجابتك، وتصديقك، عن الأصم، وقيل: بل ترجع إلى القليل، وهم مؤمنون، عن أبي مسلم.