قوله تعالى: {ياأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين 15 يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم 16}
  أسرار كتبهم كتموها؛ لئلا تكون حجة عليهم كالبشارة بمحمد، وحديث عيسى، وحديث المسيح الذي كان فيهم، ولم تكن العرب تعرفه، عن أبي مسلم «وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ» أي: يترك كثيرًا أن يذكره ويأخذكم به؛ لأنه لم يؤمر به، عن أبي علي، وقيل: يصفح عن كثير منه بالتوبة، عن الحسن، وإنما بين ما فيه معجزة له أو يحتاج إليه في العمل به، أو جوابًا لسائل ونحو ذلك، فأما ما عدا ذلك مما لا يفيد ذكره لا يذكره «قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ» قيل: محمد، ÷ لأنه به يهتدي الخلق كما بالتوراة يهتدى، وقيل: هو القرآن، عن أبي علي «وَكتابٌ مُبِينٌ» مبين الحق والدين، وعلى قول أبي علي جمع بين اللفظين لاختلاف المعنى «يَهْدِي» قيل: بالألطاف التي تؤدي إلى سلوك طريق الحق، وقيل: بالأدلة والبيان «بِهِ» قيل: بالكتاب، وقيل: بالنبي ÷، وقيل: بهما، عن الأصم «اللهُ» يعني يهدي اللَّه بالقرآن والنبي ÷ وما أنزل عليه «مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ» يعني من اتبع رضا اللَّه في قبول الإيمان والقرآن، وتصديق النبي، ÷، واتباع شرائعه، ورضاه يكون على وجهين: رضًا بالفعل وهو إرادته له، ورضًا من الفاعل إرادة تعظيمه وثوابه، ونقيضه السخط «سُبُلَ السَّلاَمِ» يعني يهديه إلى سبل السلام، واختلفوا، فقيل: السلام هو اللَّه تعالى، عن الحسن والسدي والأصم، يعني طرق اللَّه، وهو دينه الذي شرعه لعباده، وهو الإسلام، وقيل: يهدي إلى طريق الجنة وهو دار السلام، وقيل طريق السلامة، عن الزجاج، يعني السلامة من كل مخافة ومضرة «وَيُخْرِجُهم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ» يعني يخرج بالقرآن وبالرسول عباده من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان «بِإِذْنِهِ» قيل: بأمره، وقيل: بإطلاقه، وقيل: بألطافه «وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ»، قيل: طريق الحق، وهو دين الإسلام، عن الحسن، وقيل: إلى طريق الجنة، عن أبي علي.