قوله تعالى: {ياأهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير 19}
  وتدل على أن أفعالهم حادثة من جهتهم من وجوه؛ لأنه أضاف القول إليهم وذمهم عليه، وبين استحقاق العقوبة على ذنوبهم، فيبطل قول الْمُجْبِرَةِ في المخلوق.
قوله تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ١٩}
  · اللغة: الفتور: الضعف، والفَتْرَةُ: فَعْلَة من فتر يفتر فتورًا، إذا سكن من العمل، والفترة: انقطاع ما بين النبيين لضعف الأمر، والفتور انقطاع العمل عما كان عليه من الجد لضعف دخل عليه، يقال: فتر عن عمله، ومنه فتر الماء إذا انقطع عما كان عليه من البرد إلى السخونة لضعف البرد، ومنه: فاترة الطرف لضعف فيه.
  · الإعراب: قيل: في قوله: «ما جاءنا» حذف تقديره: لأن تقولوا.
  ومحل «من بشير» الرفع، وتقديره: جاءنا بشير ونذير.
  · المعنى: ثم عاد الخطاب إلى أهل الكتاب واستعطافهم ومحاجتهم، وما ألزمهم من الحجة برسول اللَّه ÷ فقال سبحانه: «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ» دعاء وتنبيه لهم على ما يذكر «قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا» يعني محمدًا ÷ «يُبَيِّنُ لَكُمْ» أيَ: يوضح لكم أعلام الهدى ويعرفكم الحق «عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ» وقيل: على انقطاع من الرسل، وقيل: على دروس من الدين والكتب، قيل: الفترة كان بين عيسى ومحمد - صلى اللَّه عليهما -، وكانت النبوة متصلة قبل ذلك في بني إسرائيل، وروي عن ابن عباس أنه لم يكن بينهما إلا