التهذيب في التفسير (تفسير الحاكم)،

المحسن بن محمد الحاكم الجشمي (المتوفى: 494 هـ)

قوله تعالى: {وإذ قال موسى لقومه ياقوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين 20 ياقوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين 21}

صفحة 1924 - الجزء 3

  عن ابن إسحاق، وقيل: المراد به الخصوص وإن كان الكلام على العموم، فصار كأنه مكتوب لبعضهم، وحرام على البعض، وقيل: أمروا بدخولها، فلما خالفوا أمره تغيرت المصلحة، فمنعوا «وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ» قيل: لا ترجعوا على أعقابكم التي كنتم فيها، عن الأصم، وقيل: لا ترجعوا عن الأرض التي أمرتم بدخولها، ولكن امضوا لما أمرتم به «فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ» قيل: ترجعوا خاسرين في الآخرة لما لزمكم من العقاب، وقيل: ترجعون إلى الذل، وقيل: هالكين؛ وقيل: خسران حظهم كالخسران في البيع بذهاب رأس المال، وقيل: كان ذلك فرضًا عليهم، عن قتادة.

  · الأحكام: تدل الآية أنه كان في قوم موسى أنبياء، وتدل على أن الملك عمهم دون النبوة، قال القاضي: والأقرب في الملك أن يكون جامعًا لأمرين: كفاية تعينه عن الابتذال، وأن يحصل مطاعًا فيما تمس إليه الحاجة. وتدل على كثرة نعمه على بني إسرائيل، وتدل على أنهم أمروا بدخول بيت المقدس، وأن ذلك كان عبادة بمنزلة الاعتكاف، والوقوف الذي هو لبث في نفعه، وتدل على أنه كان واجبًا لذلك لحقهم الذم بتركه.

  القصة

  قيل: لما عبر موسى وبنو إسرائيل البحر، وهلك فرعون أمرهم اللَّه تعالى بدخول الأرض المقدسة، فلما نزلوا على نهر الأردن خافوا من الدخول، فبعث موسى # اثني عشر رجلاً من كل سبط رجلاً جواسيس، فعاينوا من عظم شأنهم وقوتهم شيئًا عجيبًا، فرجعوا إلى بني إسرائيل، فأخبروا موسى # بذلك، فأمرهم أن يكتموا، فوفى اثنان، يوشع بن نون من سبط بنيامين، وكالب بن يؤفنا من سبط