قوله تعالى: {قالوا ياموسى إن فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون 22 قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين 23 قالوا ياموسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون 24}
  أقوياء شديدي البطش والبأس والخلق، لا يمكن قهرهم، قيل: عرفوا ذلك بخبر الجواسيس، عن أكثر المفسرين، وقيل: كان بلغهم خبر أولئك وهم بمصر، عن الأصم. وروي عن ابن عباس أنه بلغ من خلق هَؤُلَاءِ وقوتهم أنه لما بعث موسى الجواسيس اثني عشر رجلاً رآهم واحد من الجبارين فأخذهم في كمه مع فاكهة كان حملها من بستانه، وأتى بهم الملك، فنبزهم بين يديه، وقال معجبًا للملك: إن هَؤُلَاءِ يريدون قتالنا، فقال الملك: ارجعوا إلى صاحبكم فأخبروه خبرنا، وقال قتادة: كانت لهم أجسام عظيمة، وخلق عجيب ليس لغيرهم «وِإنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا» يعني لقتالهم «حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا» فإن خرج الجبارون منها «فَإِنَّا دَاخِلُونَ»، «قَالَ رَجُلاَنِ» قيل: يوشع وكالب وكانا من النقباء، عن الضحاك، وقيل: كانا من الجبارين لما بلغهما خبر موسى جاءاه، فأنعم اللَّه عليهما فأسلما، واتبعا موسى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس «مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ» قيل: يخافون اللَّه تعالى، عن قتادة، وقيل: يخافون الجبارين، عن أبي علي؛ أي: لم يمنعهم الخوف من قول الحق «أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا» قيل: بالإسلام، عن الحسن ومعناه الهداية إليه والبيان، وقيل: بالتوفيق والعصمة، وقيل: أنعم اللَّه عليهما بالخوف من اللَّه، وقيل: بطاعة اللَّه وطاعة موسى «ادْخُلُوا» يا بني إسرائيل «عَلَيهِمُ» على الجبارين «الْبَابَ» يعني باب المدينة «فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ» عليهم قيل: لما وعد اللَّه من النصر عليهم، وهو ينجز وعده، وقيل: لأن أجسامهم عظيمة لكن قلوبهم ضعيفة، وقد كانا شاهدا منهم الخوف من بني إسرائيل، عن أبي علي «وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا» في نصرته إياكم على الجبارين «إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» بِاللَّهِ وما آتاكم به رسوله من عنده «قَالُوا» يعني بني إسرائيل لما سمعوا قول الرجلين، وهموا بهما، وأرادوا رميهم بالحجارة «يَامُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا» يعني ما دام الجبارون فيها «فَاذْهَبْ أَنتَ» يا موسى «وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا» الجبارين.