قوله تعالى: {قال رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين 25 قال فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض فلا تأس على القوم الفاسقين 26}
  موسى بعده، عن ابن عباس وأبي علي والأصم، وكان يوشع ابن أخت موسى، ووصيه والنبي ÷ فيهم بعده، وقيل: خرج من التيه بعد موت موسى بشهرين، وكان القتال في يوم الجمعة، ورد اللَّه عليه الشمس حتى فتح، وكادت تغرب ليلة السبت فدعا يوشع فردت عليه، حتى قتلهم أجمعين، وقتل ملك الشام.
  ومتى قيل: كيف يجوز على جماعة كثيرة من العقلاء أن يسيروا في فراسخ يسيرة، فلا يهتدوا للخروج منها؟
  قلنا: قال أبو علي: يحول اللَّه الأرض التي هم عليها إذا ناموا فيردوا إلى المكان الذي ابتدؤوا فيها معجزة لذلك النبي ÷، وقيل: لم يهتدوا إلى الطريق فكانت معجزة «يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ»، فيتحيرون لا يهتدون إلى الخروج منها «فَلَا تَأْسَ» قيل: إنه خطاب لموسى أي: لا تحزن على هلاكهم بفسقهم، وقيل: بل خطاب لمحمد ÷ عن الزجاج والأصم.
  · الأحكام: تدل الآية على أنه جازى بني إسرائيل بأن ألقاهم في التيه، واختلفوا فقيل: كان ذلك امتحانًا، وقيل: كان عقوبة.
  وتدل على أن الفسق اسم ذم يفيد في الشرع ذم من سمي به.
  وتدل على أن من لحقه عذاب اللَّه تعالى لا يجوز أنْ يُحْزَنَ عليه؛ لأن ذلك حكمة، بل يحمد اللَّه تعالى إذا أهلك عدوًّا من أعدائه.
  وتدل على أن التيه كان بسبب عصيانهم فيبطل رواية من روى أنه كان بسبب دعاء بلعم بن باعور، وأنه لما دعا عليهم بذلك دعا موسى عليه بسلب الإيمان وهذا خطأ